الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        93 - الحديث الحادي عشر : عن عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فرج بين يديه ، حتى يبدو بياض إبطيه } .

                                        التالي السابق


                                        الكلام عليه من وجهين .

                                        أحدهما : عبد الله بن مالك ابن بحينة . وبحينة أمه - بضم الباء الموحدة ، وفتح الحاء المهملة ، وبعدها ياء ساكنة ، ونون مفتوحة - وأبوه مالك بن القشب - بكسر القاف وسكون الشين المعجمة ، وآخره [ ص: 252 ] باء - أزدي النسب من أزد شنوءة . توفي في آخر خلافة معاوية . وهو أحد من نسب إلى أمه . فعلى هذا إذا وقع عبد الله " في موضع رفع ، وجب أن ينون " مالك " أبوه ، ويرفع " ابن " لأنه ليس صفة لمالك . فيترك تنوينه ويجر . وإنما هو صفة لعبد الله بن مالك . وإذا وقع عبد الله " في موضع جر : نون مالك وجر " ابن " لأنه ليس " ابن " صفة لمالك . وهذا من المواضع التي يتوقف فيها صفة الإعراب على معرفة التاريخ ، وذلك مثل محمد بن حبيب اللغوي " صاحب كتاب " المحبر " في المؤتلف والمختلف في قبائل العرب . فإن حبيب " أمه لا أبوه ، فعلى هذا يمتنع صرفه ، ويقال : محمد بن حبيب . وقيل : إنه أبوه . ومن غريب ما وقفت عليه في هذا محمد بن شرف القيرواني " الأديب الشاعر المجيد : أنه منسوب إلى أمه " شرف " ولذلك نظائر لو تتبعت لجمع منها قدر كثير . وقد قيل : إن بحينة " أم أبيه مالك . والأول : أصح . وقد اعتنى بجمعها بعض الحفاظ .

                                        الثاني : في الحديث دليل على استحباب التجافي في اليدين عن الجنبين في السجود ، وهو الذي يسمى تخوية . وفيه أيضا عدم بسط الذراعين على الأرض ، فإنه لا يرى بياض الإبطين مع بسطهما . والتخوية مستحبة للرجال . لأن فيها إعمال اليدين في العبادة ، وإخراج هيئتها عن صفة التكاسل والاستهانة إلى صفة الاجتهاد ، وقد يكون في ذلك أيضا - على ما أشار إليه بعضهم - بعض الحمل على الوجه الذي يتأثر بما يلاقيه من الأرض ، وهذا مشروط بأن لا يكون هذا الحمل عن الوجه مزيلا للتحامل على الأرض . فإنه قد اشترط في السجود ، والفقهاء خصوا ذلك بالرجال ، وقالوا : المرأة تضم بعضها إلى بعض ، لأن المقصود منها التصون والتجمع والتستر . وتلك الحالة أقرب إلى هذا المقصود . .




                                        الخدمات العلمية