الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              266 [ 144 ] وعن صهيب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، قال : يقول الله - تبارك وتعالى - : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم .

                                                                                              وزاد في رواية : ثم تلا هذه الآية : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة [ يونس : 26 ] .

                                                                                              رواه أحمد ( 4 \ 332 و 333 ) ، ومسلم ( 181 ) ، والترمذي ( 2555 ) ، وابن ماجه ( 187 ) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و ( قول من يسأله الله من أهل الجنة بقوله : " هل تريدون شيئا أزيدكم ؟ ألم تبيض وجوهنا وتدخلنا الجنة وتنجنا من النار " ؟ ) لا يليق بمن مات على كمال المعرفة والمحبة والشوق ، وإنما يليق ذلك بمن مات بين الخوف والرجاء ، فلما حصل على الأمن من المخوف والظفر بالمرجو الذي كان تشوقه إليه ، قنع به ، ولها عن غيره . وأما من مات محبا لله مشتاقا لرؤيته ، فلا يكون همه ، إلا طلب النظر لوجهه الكريم لا غير . ويدل على صحة ما قلته أن المرء يحشر على ما يموت عليه كما علم من الشريعة ، بل أقول : إن من مات مشتاقا لرؤية الله تعالى لا ينبه بالسؤال ، بل يعطيه أمنيته ذو الفضل والإفضال ، ومذهب أهل السنة بأجمعهم : أن الله تعالى ينظر إليه المؤمنون في الآخرة بأبصارهم ، كما نطق بذلك الكتاب ، وأجمع [ ص: 414 ] عليه سلف الأمة ، ورواه بضعة عشر من الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . ومنع ذلك فرق من المبتدعة منهم المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة ; بناء منهم على أن الرؤية يلزمها شروط اعتقدوها عقلية ، كاشتراط البنية المخصوصة والمقابلة ، واتصال الأشعة ، وزوال الموانع من القرب المفرط والبعد المفرط والحجب الحائلة في خبط لهم وتحكم . وأهل الحق لا يشترطون شيئا من ذلك عقلا سوى وجود المرئي ، وأن الرؤية إدراك يخلقه الله تعالى للرائي ، فيرى المرئي لكن يقترن بالرؤية بحكم جريان العادة أحوال يجوز في العقل شرعا تبدلها ، والله أعلم ، وتفصيل ذلك وتحقيقه في علم الكلام .




                                                                                              الخدمات العلمية