الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : في المراد بساعة العسرة قولان :

                                                                                                                                                                                                                                            القول الأول : أنها مختصة بغزوة تبوك ، والمراد منها الزمان الذي صعب الأمر عليهم جدا في ذلك السفر ، والعسرة تعذر الأمر وصعوبته . قال جابر : حصلت عسرة الظهر وعسرة الماء وعسرة الزاد . أما عسرة [ ص: 171 ] الظهر : فقال الحسن : كان العشرة من المسلمين يخرجون على بعير يعتقبونه بينهم ، وأما عسرة الزاد ، فربما مص التمرة الواحدة جماعة يتناوبونها حتى لا يبقى من التمرة إلا النواة ، وكان معهم شيء من شعير مسوس ، فكان أحدهم إذا وضع اللقمة في فيه أخذ أنفه من نتن اللقمة . وأما عسرة الماء : فقال عمر : خرجنا في قيظ شديد وأصابنا فيه عطش شديد ، حتى إن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه ويشربه .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أن هذه الغزوة تسمى غزوة العسرة ، ومن خرج فيها فهو جيش العسرة . وجهزهم عثمان وغيره من الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - .

                                                                                                                                                                                                                                            والقول الثاني : قال أبو مسلم : يجوز أن يكون المراد بساعة العسرة جميع الأحوال والأوقات الشديدة على الرسول وعلى المؤمنين ، فيدخل فيه غزوة الخندق وغيرها . وقد ذكر الله تعالى بعضها في كتابه كقوله تعالى :( وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ) ( الأحزاب : 10 ) وقوله :( ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم ) ( آل عمران : 152 ) الآية ، والمقصود منه وصف المهاجرين والأنصار بأنهم اتبعوا الرسول - عليه السلام - في الأوقات الشديدة والأحوال الصعبة ، وذلك يفيد نهاية المدح والتعظيم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية