الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذلك جزيناهم بما كفروا وهل يجازى إلا الكفور استئناف بياني ناشئ عن قوله فأرسلنا عليهم سيل العرم فهو من تمام الاعتراض .

واسم الإشارة يجوز أن يكون في محل نصب نائبا عن المفعول المطلق المبين لنوع الجزاء ، وهو من البيان بطريق الإشارة ، أي جزيناهم الجزاء المشار إليه وهو ما تقدم من التبديل بجنتيهم جنتين أخريين . وتقديمه على عامله للاهتمام بشدة ذلك الجزاء .

واستحضاره باسم الإشارة لما فيه من عظمة هوله .

ويجوز أن يكون اسم الإشارة في محل رفع بالابتداء وتكون الإشارة إلى ما تقدم من قوله فأرسلنا عليهم سيل العرم إلى قوله من سدر قليل ويكون جملة " جزيناهم " خبر المبتدأ والرابط ضمير محذوف تقديره : جزيناهموه .

والباء في " بما كفروا " للسببية وما مصدرية ، أي بسبب كفرهم .

والكفر هو الكفر بالله ، أي : إنكار إلهيته لأنهم عبدة الشمس .

والاستفهام في " وهل يجازى " إنكاري في معنى النفي كما دل عليه الاستثناء .

والكفور : الشديد الكفر لأنهم كانوا لا يعرفون الله ويعبدون الشمس فهم أسوأ حالا من أهل الشرك .

والمعنى : ما يجازى ذلك الجزاء إلا الكفور لأن ذلك الجزاء عظيم في نوعه ، أي نوع العقوبات فإن العقوبة من جنس الجزاء . والمثوبة من جنس الجزاء فلما قيل ذلك جزيناهم بما كفروا تعين أن المراد : وهل يجازى مثل جزائهم إلا الكفور ، فلا يتوهم أن هذا يقتضي أن غير الكفور لا يجازى على فعله ، ولا أن الثواب لا يسمى جزاء ولا أن العاصي المؤمن لا يجازى على معصيته ، لأن تلك التوهمات [ ص: 174 ] كلها مندفعة بما في اسم الإشارة من بيان نوع الجزاء ، فإن الاستئصال ونحوه لا يجري على المؤمنين .

وقرأ الجمهور يجازى بياء الغائب والبناء للمجهول ورفع الكفور .

وقرأ حمزة والكسائي بنون العظمة والبناء للفاعل ونصب " الكفور " .

التالي السابق


الخدمات العلمية