الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ولو ارتد الزوجان ولحقا فولدت ولدا وولد له ولد فظهر عليهم فالولدان فيء ويجبر الولد على الإسلام لا ولد الولد ) بيان لحكم ولد المرتدة وحاصله أنه إما أن يكون موجودا منفصلا حين الردة أو لا فإن كان الأول فإنه لا يكون مرتدا بردتهما معا لأنه ثبت له حكم الإسلام بالتبعية فلا تزول [ ص: 149 ] بردتهما إلا إذا لحقا به أو أحدهما إلى دار الحرب فإنه خرج عن الإسلام لأنه كان بالتبعية لهما أو للدار وقد انعدم الكل فيكون الولد فيئا ويجبر على الإسلام إذا بلغ كما تجبر الأم عليه فإن كان الأب ذهب به وحده والأم مسلمة في دار الإسلام لم يكن الولد فيئا لأنه بقي مسلما تبعا لأمه وإن كان الثاني بأن ولد لهما ولد بعد لحوقهما فحكمه حكمهما من كونه فيئا ومن الجبر على الإسلام سواء كان الحبل في دار الحرب أو في دار الإسلام ولذا أطلقه المصنف وتقييده في الهداية بكون الحبل في دار الحرب اتفاقي ليعلم حكم ما إذا حبلت به في دار الإسلام بالأولى لأنه إذا أجبر على الإسلام مع بعده عنه ببعده عن داره فمع كونه أقرب إليه أولى كما في النهاية لكن ليس حكم هذا الولد كحكمهما من جهة القتل ولذا قال الولوالجي لا يقتل لو أبى كولد المسلم إذا بلغ ولم يصف الإسلام يجبر عليه ولا يقتل وإنما لم يجبر ولد الولد لأنه إما بالتبعية لجده أو لأبيه لا سبيل إلى الأول مع وجود أبيه ولا إلى الثاني لأن ردة أبيه كانت تبعا والتبع لا يستتبع خصوصا وأصل التبعية ثابتة على خلاف القياس لأنه لم يرتد حقيقة ولذا يجبر بالحبس لا بالقتل بخلاف أبيه وإذا لم يتبع الجد فيسترق أو توضع عليه الجزية أو يقتل لأن حكمه حينئذ حكم سائر أهل الحرب إذا أسروا وأما الجد فيقتل لا محالة لأنه المرتد بالأصالة أو يسلم كذا في فتح القدير .

                                                                                        واعلم أن الجد ليس كالأب في ظاهر الرواية في ثمان مسائل أربعة في الفرائض وأربعة في غيرها أما الثاني فالأولى أنه لا يكون مسلما بإسلام جده في ظاهر الرواية وفي رواية الحسن يتبعه وهذه وهو أن ولد الولد لا يجبر كجده مبنية عليها والثانية صدقة الفطر للولد الصغير إذا كان جده موسرا أو لا أب له أو له أب معسر أو عبد لا تجب على الجد في ظاهر الرواية وفي رواية الحسن تجب عليه والثالثة جر الولاء صورتها معتقة تزوجت بعبد وله أب عبد فولدت منه فالولد حر تبعا لأمه وولاؤه لمولى أمه فإذا عتق جده لا يجر ولاء حافده إلى مواليه عن موالي أمه في ظاهر الرواية وفي رواية الحسن يجره كما لو أعتق أبوه والرابعة الوصية للقرابة لا يدخل الولدان ويدخل الجد في ظاهر الرواية وفي رواية الحسن لا يدخل كالأب وأما الأربعة التي في الفرائض فرد الأم إلى ثلث ما بقي وحجب أم الأب والإخوة لا تسقط بالجد عندهما وتسقط بالأب اتفاقا والرابعة ابن المعتق يحجب الجد عن ميراث المعتق اتفاقا ولا يحجب الأب عند أبي يوسف فله السدس والباقي للابن ذكر هذه الأربعة الأكمل في شرح السراجية وذكروا هنا الأربعة الأولى وينبغي أن يزاد مسألتنا مذكورتان في النفقات الأولى الأم تشارك الجد في نفقة الصغير أثلاثا بخلاف الأب ، الثانية لا تفرض النفقة على الجد المعسر بخلاف الأب فصارت المسائل عشرا وقد يزاد أخرى هي أن الصغير لا يتصف بعدم اليتم بحياة جده ويتصف به بحياة أبيه كما في الخانية من الوقف .

                                                                                        قيد بردتهما لما في البدائع لو مات مسلم عن امرأته وهي حامل فارتدت ولحقت بدار الحرب فولدت هناك ثم ظهر على الدار فإنه لا يسترق ويرث أباه لأنه مسلم تبعا لأبيه ولو لم تكن ولدته حتى سبيت ثم ولدته في دار الإسلام فهو مسلم تبعا لأبيه مرقوق تبعا لأمه ولا يرث أباه لأن الرق من أسباب الحرمان ا هـ .

                                                                                        [ ص: 148 - 150 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 148 - 150 ] قوله وينبغي أن يزاد إلخ ) قال في النهر أنت خبير بأن الكلام فيما جاء على الروايتين وليس في المزيد ما ذكرها في الهداية هو التحقيق .




                                                                                        الخدمات العلمية