الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الشرط الثالث : الاقتصار على العبادة اللائقة بالاعتكاف ، قال صاحب المقدمات : مذهب ابن القاسم الاقتصار على الصلاة وقراءة القرآن والذكر ، ومذهب ابن وهب جملة الأعمال المختصة بالآخرة كمدارسة العلم وعيادة المرضى وصلاة الجنازة إذا انتهى إليها الزحام ، بخلاف الحكم بين الناس والإصلاح بينهم .

                                                                                                                سؤال : منعه في الكتاب من الجنازة وجوز للمتنفل في الصلاة الرد على المؤذن . كلاهما أدخل في العبادة ما ليس منها .

                                                                                                                جوابه : أن المسجد لم يوضع للجنازة ، والصلاة وضعت للذكر ، والرد على المؤذن ذكر ، وفي الكتاب : لا يصلي على الجنازة وإن انتهى إليه المصلون ، ولا يعود مريضا في المسجد ، ولا يعزي ، ولا يهنئ ، ولا يعقد نكاحا في المسجد إلا أن يغشاه في مجلسه ; لحديث عائشة - رضي الله عنها - المتقدم ; ولأن الاعتكاف يقتضي عبادة مخصوصة ، فلا يدخل فيه غيرها قياسا على الصلاة ، وله أن يأمر بمصلحته ومصلحة أهله ، ويبيع ماله إذا كان خفيفا ، ويكره خروجه لحاجة الإنسان في بيته سدا للذريعة ، ويتخذ موضعا بقربه .

                                                                                                                وفي الجواهر : إذا خرج لما يتعين عليه من جهاد أو حق أو دين أو إكراه [ ص: 540 ] ففي بطلان اعتكافه قولان ، قال سند : فإن خرج للجنازة أو عيادة مريض بطل اعتكافه ، وإن صلى عليها في المسجد كره ولا يبطل ، كما لو دعا لأحد أو تحدث معه ، فإن مات معه أحد في المسجد وليس معه من يجهزه تعين عليه الخروج ، ويتخرج بطلان اعتكافه على من نزل عليه العدو فخرج للجهاد ، رجع مالك إلى أنه يبني بعد قوله يبتدئ .

                                                                                                                قال مالك : ويجوز ذهاب بعض المعتكفين إلى بعض للعشاء ونحوه ، ويشتري له طعامه إذا اشترى طعام نفسه ، وإذا منعنا عيادة المرضى فمرض أحد أبويه ، قال ابن القاسم : يخرج لعيادته لوجوب بره ويبتدئ اعتكافه ، قال مالك : ولا يخرج مع جنازته ، والفرق أن عدم العيادة يسخطهما بخلاف التشييع .

                                                                                                                وفي الكتاب : له أن يتزوج ويتطيب بخلاف الحج ، والفرق بينهما [ في العقد ] من وجوه :

                                                                                                                أحدهما : طول زمان الحج فيخشى من العقد الوطء .

                                                                                                                الثاني : أن إفساده أعظم حرجا .

                                                                                                                الثالث : أنه منع في الحج من الطيب والنظافة والزينة ، فمنع من العقد لفرط التشديد بخلاف الاعتكاف .

                                                                                                                وفي الكتاب : لا يجلس مجالس العلم ولا يكتب ، قال ابن نافع : إلا الشيء الخفيف ; لأنها عبادة شرع لها المسجد ، فلا يشرع فيها كالصلاة والطواف .

                                                                                                                وفي الكتاب : لا يأخذ من شعره وأظفاره ، وإن جمعه ألقاه لحرمة المسجد . قال سند : فإن فعل لا يبطل اعتكافه ، فإن كان له حاجز عن الناس فقد خفف له ابن حبيب في ذلك ، ويجوز أن يخرج يده أو رأسه من المسجد لذلك .

                                                                                                                وإذا خرج لغسل الجمعة ، فله في بيته نتف الإبط ، وتقليم الأظفار ، وحلق العانة [ ص: 541 ] للجمعة ، ولا تجوز له الحجامة ، والفصادة ، والبول ، والغائط في المسجد ، فإن فعل يختلف في بطلان اعتكافه نظرا لكونه كبيرة أم لا .

                                                                                                                ويكره له السواك من أجل ما يلقيه من فيه في المسجد ، وكره مالك للمؤذن إقامة الصلاة ; لأنها غير فعل الاعتكاف .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية