الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا اجتمع في ملك الواحد ماشية مختلطة وغير مختلطة من جنسها ، بأن ملك ستين شاة خالط بعشرين منها عشرين لغيره خلطة جوار أو شيوع ، وانفرد بالأربعين ، فكيف يزكيان ؟ قولان ، أظهرهما - وعليه فرع في المختصر واختاره ابن سريج ، وأبو إسحاق والأكثرون - أن الخلطة خلطة ملك ، أي كل ما في ملكه ثبت فيه حكم الخلطة ؛ لأن الخلطة تجعل مال الاثنين كمال الواحد ، ومال الواحد يضم بعضه إلى بعض وإن تفرق ، فعلى هذا في الصورة المذكورة ، كان صاحب الستين قد خلطها بعشرين ، فعليهما شاة ، ثلاثة أرباعها عليه وربعها على صاحب العشرين . والقول الثاني أن الخلطة خلطة عين ، أي يقصر حكمها على المخلوط ، فتجب بعشرين على صاحب العشرين نصف شاة بلا خلاف ؛ لأنه خليط عشرين . وفي صاحب الستين أوجه ، أصحها وهو المنصوص : يلزمه شاة . والثاني : ثلاثة أرباع شاة ، كما لو خالط بالجميع . والثالث : خمسة أسداس شاة ونصف سدس ، يخص الأربعين منها ثلثان ، كأنه انفرد بجميع الستين ، ويخص العشرين ربع كأنه خالط بالجميع . والرابع : شاة وسدس ، يخص الأربعين ثلثان ، والعشرين نصف . والخامس : شاة ونصف كأنه انفرد بأربعين ، وخالط بعشرين ، وهذا ضعيف أو غلط . أما إذا خلط عشرين بعشرين لغيره ، ولكل واحد منهما أربعون منفردة ، ففي واجبهما القولان ، فإن قلنا : خلطة ملك ، فعليهما شاة ، على [ ص: 182 ] كل واحد نصف ؛ لأن الجميع مائة وعشرون ، وإن قلنا : خلطة عين ، فسبعة أوجه ، أصحها : على كل واحد شاة تغليبا للانفراد . والثاني : على كل واحد ثلاثة أرباع شاة ؛ لأن له ستين مخالطة عشرين . والثالث : على كل واحد نصف شاة ، وكان الجميع مختلطا . والرابع : على كل واحد خمسة أسداس ونصف سدس ، حصة الأربعين ثلثان ، كأنه انفرد بماله ، وحصة العشرين ربع ، كأنه خالط الستين بالعشرين . والخامس : خمسة أسداس ، حصة العشرين سدس ، كأنه خلطها بالجميع ، والسادس : على كل واحد شاة وسدس ، ثلثان عن الأربعين ونصف عن العشرين . والسابع : على كل واحد شاة ونصف . ولا فرق في هاتين المسألتين بين أن يكون الأربعون المنفردة في بلد المال المختلط أم في غيره ، ويجري القولان المذكوران سواء اتفق حول صاحب الستين وحول الآخر ، أم اختلفا ، لكن إن اختلفا زاد النظر في التفاصيل المذكورة في الفصل السابق . وقال ابن كج : الخلاف فيما إذا اختلف حولاهما ، فإن اتفقا فلا خلاف أن عليهما شاة ، ربعها على صاحب العشرين وباقيها على الآخر ، وهذا شاذ . والمذهب أنه لا فرق .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية