الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2888 [ 1634 ] وعنه قال: سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق فقال: لا بأس به، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما على الماذيانات، وأقبال الجداول والأنهار، وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، فلم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه، فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به.

                                                                                              رواه أحمد ( 4 \ 140 )، ومسلم (1548) (116)، وأبو داود (3392)، والنسائي ( 7 \ 43 ).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و ( قول ابن عمر : (كنا نكري الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإمارة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وصدرا من خلافة معاوية ) يدل على أن ذلك كان أمرا معمولا به، مشهورا. وهو محمول على أنهم كانوا يكرونها بشيء معلوم، مضمون. وأما بالجزء مما يخرج منها فلا، لما تقدم، ثم إن ابن عمر ترك ذلك لما بلغه حديث رافع ترك ورع وتقية، لا أنه جزم بالتحريم. ويظهر من قوله التوقف [ ص: 411 ] في حديث رافع بن خديج ، لكنه غلب حكم الورع، فعمل على عادته رضي الله عنه. وأما سكوت ابن عمر عن مدة إمارة علي ، فلم يذكرها - والله أعلم -؛ لأن [ ص: 412 ] ابن عمر لم يتفرغ فيها لكراء الأرض، ولا للبحث عنها لما كان في تلك المدة من الحروب والفتن، ولفراره عنها، والله تعالى أعلم.

                                                                                              وعلى الجملة حديث رافع بن خديج مضطرب غاية الاضطراب، كما قد وقع في الأصل وفي غيره من كتب الحديث. فينبغي ألا يعتمد عليه، ويتمسك في جواز كرائها بشيء معلوم بالقياس الذي ذكرناه، غير أنه لا تكرى بطعام مخافة طعام بطعام، فإنها ريبة. وقد أمر عمر رضي الله عنه بتركها. والربا أحق ما حميت مراتعه، وسدت ذرائعه، أو يسلك في الامتناع من ذلك طريقة الورع، كما سلكها ابن عمر ، وهي الأسلم، والله تعالى أعلم.




                                                                                              الخدمات العلمية