الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
وأما المحبة له والتوكل عليه والإخلاص له فهذه كلها خير محض وهي محبوبة . ومن قال إن هذه المقامات تكون للعامة دون الخاصة فقد غلط إن أراد خروج الخاصة عنها فإن هذا لا يخرج منها مؤمن قط ، إنما يخرج عنها الكافر والمنافق ، وذكر كلاما كثيرا .

وقال ابن عقيل في الفنون : العقلاء يعلمون أن الاحتراز لا يقدح في التوكل وأن دقيق الحيل من الأعداء يدفع بلطيف التحرز والمبالغة في التحفظ ، وروى الخلال في الجامع في آخر الجنائز عن سعيد بن المسيب أن سلمان الفارسي وعبد الله بن سلام رضي الله عنهما قال أحدهما لصاحبه : إن لقيت ربك فأخبرني ما لقيت وإن لقيته قبلك أخبرتك ، فذكر سعيد أن أحدهما توفي فلقي صاحبه في المنام فقال له الميت توكل وأبشر فإني ما رأيت مثل التوكل .

وروي فيه أيضا في التجارة والتكسب : أخبرنا محمد بن أحمد بن منصور قال : سأل المازني بشر بن الحارث عن التوكل فقال المتوكل لا يتوكل على الله ليكفى ولو حلت هذه القصة في قلوب المتوكلة لضجوا إلى الله بالندم والتوبة ، ولكن التوكل يحل بقلبه الكفاية من الله فيصدق الله عز وجل فيما ضمن .

ولم يذكر الخلال ما يخالف كلام بشر لا من عنده ولا من عند غيره ، فبشر رحمه الله يقول من توكل ليكفى لم يخلص التوكل لله فيقدح فيه ويكون لغير الله ، ونظيره من اتقى الله ليجعل الله له مخرجا ، ومن اتقى الله ليجعل له فرقانا ، ومن تواضع ليرتفع .

ولهذا قال عليه السلام { وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله } ولهذا قال بعضهم لبعض من تواضع ليرتفع : لا يرتفع بالتواضع أي لا يقصد هذا وهو نظير الكلام المشهور من أخلص لله أربعين يوما نطق [ ص: 279 ] بالحكمة .

وفعل بعض الناس له لينطق بالحكمة وأنه لم ينطق بها ، وسأله بعض المشايخ عن هذا فقال له : لم تخلص إنما فعلت هذا لأجل هذا ، وهذا الكلام " من أخلص لله " يروى عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وسبق في فصول التوبة ما يتعلق بهذا وهو مذكور في الفقه في باب ما يبطل الصلاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية