الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو ) ( طرأ جنون أو إغماء ) على المعتكف ( لم يبطل ما مضى ) من اعتكافه ( إن لم يخرج ) بضم أوله وكذا إن أخرج شق حفظه في المسجد أو لا كما يصرح به كلام المجموع لعذره كالمكره ويؤخذ منه أن محله حيث جازت إدامته في المسجد وإلا كان إخراجه لأجل ذلك كإخراج المكره بحق وعلى هذا يحمل ما اقتضاه كلام الروضة وأصلها أنه يضر إخراجه إذا شق حفظه في المسجد أي : بأن حرم إبقاؤه فيه وأخذ ابن الرفعة والأذرعي من التعليل بالعذر أنه لو طرأ نحو الجنون بسببه انقطع بإخراجه مطلقا ( ويحسب زمن الإغماء من الاعتكاف دون الجنون ) .

                                                                                                                              [ ص: 476 ] كما في الصوم فيهما ( أو ) طرأ ( الحيض ) أو النفاس أو نجس غيرهما لا يمكن معه المكث بالمسجد ( وجب الخروج ) لتحريم مكثهم ( وكذا الجنابة ) إذا طرأت بنحو احتلام يجب الخروج للغسل ( إن تعذر الغسل في المسجد ) للضرورة إليه ولو كان يتيمم وأمكنه التيمم بغير ترابه وهو مار فيه لم يجز له الخروج فيما يظهر ؛ إذ لا ضرورة إليه حينئذ ( فلو أمكن ) الغسل فيه ( جاز الخروج ) ؛ لأنه أقرب للمروءة وصيانة المسجد وتلزمه المبادرة به ( ولا يلزمه ) بل له الغسل في المسجد رعاية للتتابع واستشكل بأن نضح المسجد بالماء المستعمل حرام ويرد بأن هذا لا نضح فيه ؛ إذ هو أن يرشه به وأما هذا فهو كالوضوء فيه وقد اتفقوا على جوازه نعم محل جوازه فيه كما قاله السبكي حيث لا مكث فيه بأن كان فيه نهر يخوضه وهو خارج وإلا وجب الخروج قال الأذرعي وكذا لو كان مستجمرا لحرمة إزالة النجاسة في المسجد أي : وإن لم يحكم بنجاسة الغسالة أو يحصل بغسالته ضرر للمسجد أو المصلين ( ولا يحسب زمن الحيض ولا الجنابة ) من الاعتكاف إذا اتفق المكث مع أحدهما في المسجد لعذر أو غيره ؛ لأنه حرام وإنما أبيح للضرورة وسيأتي حكم البناء في الحيض .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن إن لم يخرج ) لم يزد الإسنوي في بيان مفهومه على قوله تنبيه سكت المصنف عما إذا خرج وحكمه كما قال الرافعي أنه إن لم يمكن حفظه في المسجد فلا يبطل اعتكافه كما لو حمل العاقل مكروها فأخرج وإن أمكن بمشقة فكالمريض والصحيح فيه أيضا أنه لا ينقطع تتابعه ا هـ ما ذكره الإسنوي ومثله في شرح م ر ومفهوم قوله بمشقة أنه لو أمكن بلا مشقة بطل م ر وهو صريح قول الروض بطل تتابعه إن أمكن حفظه في المسجد بلا مشقة وقد ينظر فيه بأن إخراجه حينئذ لا ينقصه عن إخراج العاقل مكرها ثم رأيته في شرح الروض بعد أن ذكر أن الجمهور أطلقوا عدم البطلان وكذا المجموع أيد الإطلاق بمسألة الإكراه قال بجامع أن كلا لم يخرج باختياره وقول الشارح كالمكره إشارة أيضا إلى ذلك .

                                                                                                                              ( قوله في المتن ويحسب زمن الإغماء ) أي : وإن لم يفق لحظة في كل يوم ؛ لأن جملة [ ص: 476 ] مدة الاعتكاف نظير اليوم الواحد في الصوم وشرط الحسبان كما هو ظاهر أن لا يخرج وإن أوهم الصنيع خلافه .

                                                                                                                              ( قوله ولو كان يتيمم ) كأن كان الماء مفقودا .

                                                                                                                              ( قوله وهو مار فيه ) أي : بخلافه مع المكث أو التردد .

                                                                                                                              ( قوله وتلزمه المبادرة ) لا ينافي قول المتن ولا يلزم فتأمل .

                                                                                                                              ( قوله نعم محل جوازه إلخ ) كذا م ر .

                                                                                                                              ( قوله قال الأذرعي ) كذا م ر .

                                                                                                                              ( قوله أو يحصل بغسالته ضرر للمسجد ) كذا م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( أو إغماء ) ومثله السكر بلا تعد كما مر عن النهاية والمغني .

                                                                                                                              ( قوله من اعتكافه ) أي : المتتابع نهاية ومغني قول المتن ( إن لم يخرج ) لم يزد الإسنوي في بيان مفهومه على قوله تنبيه سكت المصنف عما إذا أخرج وحكمه كما قال الرافعي أنه إن لم يمكن حفظه في المسجد فلا يبطل أيضا اعتكافه كما لو حمل العاقل مكرها فأخرج وإن أمكن بمشقة فكالمريض والصحيح فيه أيضا أنه لا ينقطع تتابعه ا هـ ما ذكره الإسنوي ومثله في شرح م ر ومفهوم قوله بمشقة أنه لو أمكن بلا مشقة بطل وهو صريح قول الروض بطل تتابعه إن أمكن حفظه في المسجد بلا مشقة وقد ينظر فيه بأن إخراجه حينئذ لا ينقصه عن إخراج العاقل مكرها ثم رأيته في شرح الروض بعد أن ذكر أن الجمهور أطلقوا عدم البطلان وكذا المجموع أيد الإطلاق بمسألة الإكراه قال بجامع أن كلا لم يخرج باختياره وقول الشارح كالمكره إشارة أيضا إلى ذلك سم وفي المغني بعد مثل ما تقدم عن الإسنوي ما نصه فكان ينبغي ترك التقييد بعدم الخروج لاستواء حكمهما ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويؤخذ منه ) أي : من القياس على المكره .

                                                                                                                              ( قوله أن محله ) أي : عدم ضرر الإخراج .

                                                                                                                              ( قوله وأخذ ابن الرفعة إلخ ) عبارة المغني أما لو طرأ ذلك بسبب لا يعذر فيه كالسكر فإنه ينقطع اعتكافه كما نقله في الكفاية عن البندنيجي في الجنون وبحثه الأذرعي في الإغماء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بإخراجه مطلقا ) قد يقال إذا حصل الجنون بسببه فينبغي أن ينقطع وإن لم يخرج لانتفاء أهليته مع تعديه كالسكران المتعدي بصري وبجيرمي وتقدم عن المغني ما يفيده ويفيده أيضا قول شرح بافضل ويبطل بالجنون والإغماء إن طرأ بسبب تعدى به ؛ لأنهما حينئذ كالسكران ا هـ قال الكردي قوله إن طرأ إلخ أي : الجنون والإغماء فيبطل اعتكافه في حال طروه مع ما مضى إن كان متتابعا وظاهر إطلاقه البطلان في ذلك مطلقا وهو التحقيق كما بينته في الأصل فقوله في التحفة بإخراجه ليس بقيد ا هـ قول المتن ( ويحسب زمن الإغماء ) أي ما دام ماكثا في المسجد حلبي وكردي عبارة سم أي : وإن لم يفق لحظة في كل يوم ؛ لأن جملة مدة الاعتكاف نظير اليوم الواحد في الصوم وشرط الحسبان كما هو ظاهر أن لا يخرج وإن أوهم الصنيع خلافه ا هـ قول المتن ( من الاعتكاف ) أي : المتتابع نهاية ومغني ( قوله [ ص: 476 ] كما في الصوم ) إلى الفصل في النهاية والمغني إلا قوله واستشكل إلى نعم وقوله بأن كان إلى وإلا وما أنبه عليه .

                                                                                                                              ( قوله كما في الصوم ) أي : إذا أغمي عليه بعض النهار نهاية ومغني أي أو جن فيه حيث يبطل الصوم في الثاني دون الأول .

                                                                                                                              ( قوله أو نجس إلخ ) عبارة النهاية والمغني وأما المستحاضة فإن أمنت التلويث لم تخرج من اعتكافها فإن خرجت بطل تتابعها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله نحو احتلام ) أي : مما لا يبطل الاعتكاف كإنزال بلا مباشرة وجماع ناس أو جاهل أو مكره .

                                                                                                                              ( قوله ولو كان يتيمم ) أي : لفقد الماء أو غيره و .

                                                                                                                              ( قوله وأمكن التيمم إلخ ) أي وإلا وجب الخروج لأجل التيمم و .

                                                                                                                              ( قوله وهو مار فيه ) أي : من غير مكث ولا تردد نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله لم يجز له الخروج ) عبارة النهاية والمغني لم يجب خروجه ا هـ قال ع ش قضيته جواز الخروج لذلك فليتأمل وعبارة حج لم يجز له الخروج إلخ وقياس ما ذكره المصنف في الغسل من جواز الخروج وإن أمكن في المسجد بلا مكث جوازه هنا إلا أن يفرق بعدم طول زمن التيمم عادة فامتنع الخروج لأجله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله المبادرة به ) أي بالغسل مغني .

                                                                                                                              ( قوله واستشكل ) أي : قول المصنف ولا يلزمه ( قوله حرام ) تقدم عن النهاية والمغني خلافه .

                                                                                                                              ( قوله بأن هذا ) أي : الغسل و .

                                                                                                                              ( قوله : إذ هو ) أي : النضح و .

                                                                                                                              ( قوله وأما هذا ) أي : الغسل في المسجد و .

                                                                                                                              ( قوله على جوازه ) أي الوضوء في المسجد .

                                                                                                                              ( قوله نعم محل جوازه فيه ) أي الغسل في المسجد نهاية .

                                                                                                                              ( قوله قال الأذرعي إلخ ) عبارة النهاية والمغني نعم لو كان الجنب مستجمرا بالحجر ونحوه وجب خروجه وتحرم إزالة النجاسة في المسجد وكذا يجب عليه الخروج إذا حصل بالغسالة ضرر للمسجد أو المصلين كما أفاده بعض المتأخرين ا هـ قال ع ش قوله م ر وجب خروجه أي ليغتسل خارجه احترازا من وصول الماء المستعمل في النجاسة للمسجد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو يحصل إلخ ) عطف على قوله مستجمرا إلخ قول المتن ( زمن الحيض ) أي : والنفاس و .

                                                                                                                              ( قوله حكم البناء إلخ ) أي : على ما مضى من اعتكافها مغني ونهاية




                                                                                                                              الخدمات العلمية