الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ومن يطع الله ورسوله استئناف جيء به لتقرير مضمون ما قبله من حسن حال المؤمنين وترغيب من عداهم في الانتظام في سلكهم أي ومن يطع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم كائنا من كان فيما أمر به من الأحكام اللازمة والمتعدية، وعن ابن عباس أنه قال: ومن يطع الله ورسوله في الفرائض والسنن وهو يحتمل اللف والنشر وعلى ذلك جرى في البحر ويخش الله على ما مضى من ذنوبه ويتقه فيما يستقبل فأولئك الموصوفون بما ذكر من الطاعة والخشية والاتقاء هم الفائزون بالنعيم المقيم لا من عدهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أبو جعفر وقالون عن نافع ويعقوب «ويتقه» بكسر القاف وكسر الهاء من غير إشباع. وقرأ أبو عمرو وحمزة في رواية العجلي وخلاد وأبو بكر في رواية حماد ويحيى بكسر القاف وسكون الهاء. وقرأ حفص بسكون القاف وكسر الهاء غير مشبعة والباقون بكسر القاف وكسر الهاء مشبعة بحيث يتولد ياء، ووجه ذلك أبو علي بأن الأصل في هاء الضمير إذا كان ما قبلها متحركا أن تشبع حركتها كما في يؤته ويؤده ووجه عدم الإشباع أن ما قبل الضمير ساكن تقديرا ولا إشباع بحركته فيما إذا سكن ما قبله كفيه ومنه، ووجه إسكان الهاء أنها هاء السكت وهي تسكن في كلامهم، وقيل: هي هاء الضمير لكن أجريت مجرى هاء السكت فسكنت وكثيرا ما يجري الوصل مجرى الوقف، وقد حكي عن سيبويه أنه سمع من يقول: هذه أمة الله في الوصل والوقف، ووجه قراءة حفص أنه أعطى «يتقه» حكم كتف لكونه على وزنه فخفف بسكون [ ص: 199 ] وسطه لجعله ككلمة واحدة كما خفف يلدا في قوله: «وذي ولد لم يلده أبوان» وعن ابن الأنباري أنه لغة لبعض العرب في كل معتل حذف آخره فيقولون لم أر زيدا يسقطون الحرف للجزم ثم يسكنون ما قبل، وعلى ذلك قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      ومن يتق فإن الله معه ورزق الله مؤتاب وغاد



                                                                                                                                                                                                                                      وقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      قالت سليمى اشتر لنا سويقا     وهات خبز البر أو دقيقا



                                                                                                                                                                                                                                      والهاء إما للسكت وحركت لالتقاء الساكنين أو ضمير، وكان القياس ضمها حينئذ كما في منه لكن السكون لعروضه لم يعتد به ولئلا ينتقل من كسر لضم تقديرا، وضعف الأول لتحريك هاء السكت وإثباتها في الوصل كذا قيل فلا تغفل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية