الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا ينجس الآدمي بالموت ) . هذا المذهب . وعليه جمهور الأصحاب ، مسلما كان أو كافرا ، وسواء جملته وأطرافه وأبعاضه . وقاله الزركشي في بعض كتبه ، وقاله القاضي في بعض كتبه . قال المصنف في المغني : لم يفرق أصحابنا بين المسلم والكافر ، لاستوائهما في الآدمية وفي الحياة . وعنه ينجس مطلقا . فعليها قال شارح المحرر : لا ينجس الشهيد بالقتل ذكره القاضي ، والشريف أبو جعفر ، والمجد وصاحب المغني ، وغيرهم . وأطلقهما في المحرر . وقيل : ينجس الكافر ، دون المسلم ، وهو احتمال في المغني . قال المجد في شرحه ، وتابعه في مجمع البحرين : ينجس الكافر بموته على كلا المذهبين في المسلم [ ص: 338 ] ولا يطهر بالغسل أبدا . كالشاة . وخص الشيخ تقي الدين في شرح العمدة الخلاف بالمسلم . وأطلقهما ابن تميم في الكافر . وعنه ينجس طرف الآدمي مسلما كان أو كافرا . صححهما القاضي وغيره . وأبطل قياس الجملة على الطرف في النجاسة بالشهيد فإنه ينجس طرفه بقطعه ، ولو قتل كان طاهرا ; لأن للجملة من الحرمة ما ليس للطرف ، بدليل الغسل والصلاة ، ورده المصنف في المغني وغيره . وأطلقهما في المحرر . فعلى القول بأنه لا ينجس بالموت : لو وقع في ماء فغيره لم ينجس الماء . ذكره في الفصول وغيره ، وقدمه في الفروع خلافا للمستوعب . واقتصر عليه ابن تميم قلت : فيعايى بها على قول صاحب المستوعب . وقال ابن عقيل ، قال أصحابنا : رواية التنجيس حيث اعتبر كثرة الماء الخارج يخرج منه ، لا لنجاسة في نفسه . قال : ولا يصح ، كما لا فرق بينه وبين بقية الحيوان ، ويأتي إذا سقطت سنه فأعادها بحرارتها .

تنبيه :

محل الخلاف في غير النبي صلى الله عليه وسلم . فإنه لا خلاف فيه . قاله الزركشي . قلت : وعلى قياسه سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . وهذا مما لا شك فيه قوله ( وما لا نفس له سائلة ) يعني : لا ينجس بالموت إذا لم يتولد من النجاسة . وهذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وعنه ينجس ، اختاره بعض الأصحاب ، أو لم يكن يؤكل . فعلى المذهب أيضا : لا يكره ما مات فيه . ووجه في الفروع احتمالا بالكراهة . وعلى المذهب أيضا : لا ينجس ما مات فيه على الصحيح . وقيل : لا ينجس إن شق التحرز منه ، وإلا تنجس ، وجزم به ابن تميم . وقال : جعل بعض أصحابنا الذباب والبق مما لا يمكن التحرز منه . وعلى الرواية الثانية : ينجس ما مات فيه على الصحيح ، قدمه الزركشي وابن تميم ، والفروع . وقيل : لا ينجسه . [ ص: 339 ] قلت : فيعايى بها . وقيل : لا ينجسه إن شق التحرز منه ، وإلا نجس . قال في الرعاية : وعنه ينجس إن لم يؤكل . فينجس الماء القليل في الأصح إن أمكن التحرز منه غالبا .

تنبيه : قوله " كالذباب ونحوه " فنحو الذباب : البق ، والخنافس ، والعقارب ، والزنابير ، والسرطان ، والقمل ، والبراغيث ، والنحل ، والنمل ، والدود ، والصراصير ، والجعل . ونحو ذلك . والصحيح من المذهب : أن الوزغ لها نفس سائلة ، نص عليه كالحية ، وقدمه في الفروع ، ومجمع البحرين ، واختاره القاضي وقيل : ليس لها نفس سائلة . وأطلقهما ابن تميم ، والمذهب ، والرعايتين ، والمغني ، والشرح ، وابن عبيدان ، والحاويين . وقال في الرعاية : وفي تنجيس الوزغ ودود القز وبزره : وجهان .

فائدة :

إذا مات في الماء اليسير حيوان لا يعلم ، هل ينجس بالموت أم لا ؟ لم ينجس الماء على الصحيح من المذهب ، جزم به في المغني ، والشرح . قال المجد في شرحه : لم ينجس في أظهر الوجهين . وصححه في مجمع البحرين . قال في القواعد : وهو المرجح عند الأكثرين . وقيل : ينجس . وأطلقهما ابن تميم ، وابن حمدان ، وابن عبيدان . وكذا الحكم لو وجد فيه روثة خلافا ومذهبا . قاله في القواعد وغيره . وأطلقهما في الفروع في كتاب الطهارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية