الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم ( 60 ) )

وهذا خبر من الله جل ثناؤه أن قوله ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم ) ، والآية التي بعدها مثل ضربه الله لهؤلاء المشركين الذين جعلوا لله البنات ، فبين بقوله ( للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ) أنه مثل ، وعنى بقوله جل ثناؤه ( للذين لا يؤمنون بالآخرة ) للذين لا يصدقون بالمعاد والثواب والعقاب من المشركين ( مثل السوء ) وهو القبيح من المثل ، وما يسوء من ضرب له ذلك المثل ( ولله المثل الأعلى ) يقول : ولله المثل الأعلى ، وهو الأفضل والأطيب ، والأحسن ، والأجمل ، وذلك التوحيد والإذعان له بأنه لا إله غيره .

[ ص: 230 ] وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( ولله المثل الأعلى ) قال : شهادة أن لا إله إلا الله .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى ) الإخلاص والتوحيد .

وقوله : ( وهو العزيز الحكيم ) يقول تعالى ذكره : والله ذو العزة التي لا يمتنع عليه معها عقوبة هؤلاء المشركين الذين وصف صفتهم في هذه الآيات ، ولا عقوبة من أراد عقوبته على معصيته إياه ، ولا يتعذر عليه شيء أراده وشاءه ، لأن الخلق خلقه ، والأمر أمره ، الحكيم في تدبيره ، فلا يدخل تدبيره خلل ، ولا خطأ .

التالي السابق


الخدمات العلمية