الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1677 1766 - حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان، قال عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ليس التحصيب بشيء، إنما هو منزل نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [ مسلم: 1312 - فتح: 3 \ 591]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه عن عائشة قالت: إنما كان منزلا ينزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليكون أسمح لخروجه. يعني: بالأبطح.

                                                                                                                                                                                                                              وحدثنا علي بن عبد الله ، ثنا سفيان، قال عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس : ليس التحصيب بشيء، إنما هو منزل نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              حديث عائشة أخرجه مسلم أيضا، وحديث ابن عباس من أفراده. وذكر الدارقطني أن هذا حديث علي بن حجر، قال ابن عساكر: يعني تفرد به، وابن عيينة سمعه من الحسن بن صالح، عن عمرو، ولكن كذا قال ابن حجر، وهو وهم منه فقد رواه ابن أبي عمر، وعبد الجبار بن العلاء وجماعة غيرهما، ورواه الإسماعيلي من حديث أبي خيثمة، ثنا ابن عيينة، ثنا عمرو، وكذا رواه أبو نعيم الحافظ من حديث عبد الله بن الزبير ، ثنا سفيان، ثنا عمرو. فقد [ ص: 194 ] صرح أبو خيثمة، والحميدي بالتحديث من عمرو، وانتفى ما قاله الدارقطني. والمحصب: هو الأبطح بأعلى مكة، وهو المعرس، وهو خيف منى المذكور في حديث أبي هريرة السالف في باب نزوله - عليه السلام - بمكة. ووقع للداودي أنه ذو طوى. وليس كما قال. وقد ذكرنا في الباب قبله عن جماعة من الصحابة أنهم كانوا ينزلون به. وقال عمر: حصبوا. يعني: انزلوا بالمحصب، وكان ابن عمر ينزل به ويقول: إنه سنة، أناخ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن النخعي وطاوس مثله، واستحب النخعي أن ينام فيه نومة.

                                                                                                                                                                                                                              وقول عائشة وابن عباس : (إنما هو منزل نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) يدل على أنه ليس من مناسك الحج، وأنه لا شيء على من تركه، وهذا معنى قوله: "ليس التحصيب بشيء". أي: ليس من المناسك التي تلزم الناس. وكانت عائشة لا تحصب، ولا أسماء، وهو مذهب عروة.

                                                                                                                                                                                                                              قال الطحاوي: لم يكن نزوله به; لأنه سنة. وقد اختلف في معناه، فقالت عائشة: ليكون أسمح لخروجه، تريد المدينة، أي: أسهل وأسرع، وليستوي البطيء (والمتعذر) ويكون مبيتهم وقيامهم في السحر، ورحيلهم بأجمعهم إلى المدينة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 195 ] وروي عن أبي رافع قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أضرب الخيمة، ولم يأمرني بمكان بعينه فضربتها بالمحصب،وقال ابن عباس : لأن العرب كانت تخاف بعضها بعضا، فيرتادون، فيخرجون جميعا فجرى الناس عليها.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن التين: والنزول به إنما هو لمن يتعجل، وعبارة الخطابي: التحصيب: إذا نفر من منى يقيم بالشعب الذي يخرجه إلى الأبطح، يهجع ساعة ثم يدخل مكة ولا ينزل. وكذلك إن وافي يوم جمعة فيصلي الإمام بالناس الجمعة بمكة، وقال ابن حبيب: كان مالك يأمر (بالتحصيب) ويستحبه، وإن شاء مضى إذا صلى الظهر والعصر ويأتي مكة، إلا أنه لا ينبغي لأحد يدع التعريس به، فإن نزله فلا شيء عليه، ومن أدركه وقت الصلاة قبل أن يأتيه صلى حيث أدركته، فإذا أتاه نزل به; لأن أداء الصلاة في وقتها مطلوب فيها، وهذا مختلف فيه مع أنه لا يفوت بالأداء في الوقت.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية