الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( أو خرجت بلا إذن إلى آخره )

                                                                                                                            ش : يريد أن النفقة تسقط أيضا بخروج المرأة من بيت زوجها بغير إذنه إذا لم يقدر على ردها ، أما إن كان قادرا على ردها ، فلا تسقط النفقة ، نعم له أن يؤدبها هو أو الحاكم على خروجها بغير إذنه ، وانظر ما المراد بقوله : ولم يقدر عليها هل بالحاكم أو بمجرد الإرسال إليها أو بامتناعها ، قال في تهذيب الطالب اختلف في الناشز على زوجها هل لها نفقة ، فعند ابن المواز وهو مذكور عن مالك ورواه عن ابن القاسم ، ومثله سحنون أن لها النفقة ، وقال البغداديون من أصحابنا لا نفقة لها ; لأنها منعته من الوطء الذي هو عوض النفقة واعتلوا بإيجاب النفقة على الزوج إذا دعي للبناء ، وأن ذلك لا يلزمه إذا لم يمكن من البناء ، قال الشيخ أبو عمران واستحسن في هذا الزمان أن يقال لها : إما أن ترجعي إلى بيتك وتحاكمي زوجك وتنصفيه وإلا فلا نفقة لك لتعذر الأحكام والإنصاف في هذا الوقت ، فيكون قول البغداديين حسنا في هذا ، ويكون الأمر على ما قاله الآخرون إذا كان الزوج يقدر على محاكمتها فلم يفعل ، فيؤمر بإجراء النفقة حتى إذا لم تمكنه المحاكمة ولم يتمكن له حالة تنصفه ولم تجبه هي إلى الإنصاف فاستحسن أن لا نفقة لها ، قال وكذلك الهاربة إلى موضع معلوم مثل الناشز ، وأما إلى موضع مجهول ، فلا نفقة لها عليه ، انتهى من ترجمة الحضانة والنفقات من إرخاء الستور ، وقال في المسائل الملقوطة : الهاربة من زوجها إلى وليها أنه يسجن حتى يردها ، انتهى من الأجوبة ، ومن كتاب الفصول سقوط نفقتها مدة هروبها وما تركت عند الزوج فما له غلة يستأجر عليه ، انتهى .

                                                                                                                            وقال في تهذيب الطالب أيضا في باب سكنى المعتدة من كتاب طلاق السنة : قال الشيخ أبو بكر بن عبد الرحمن إنما فرق بين المرأة تسكن في غير بيت الزوج أنها لا كراء لها في ذلك وبين ما إذا هربت منه أن لها أن تطلبه بالنفقة ; لأن السكنى حق لها فتركته وسكنت في موضع آخر ، وأما التي هربت منه فقد كان له أن يرجعها إلى الحاكم ويردها إلى بيتها ، فحكم النفقة قائم عليه غير ساقط عنه ، ولو كان لا يعلم أين هربت أو تعذر عليه رفعها للحاكم ونحو هذا من الأعذار التي يظهر أنه غير قادر على ردها فلا شيء عليه ، فيستوي حكم ذلك وحكم السكنى ، انتهى . وقال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب ، ولا خلاف أنها إذا خرجت وسكنت في موضع ، فلا كراء لها على زوجها ، وهذا بخلاف النفقة ، انتهى . وفي المتيطية عن كتاب محمد إذا غلبت امرأة زوجها وخرجت من منزله وأرسل إليها فلم ترجع وامتنع من النفقة عليها حتى ترجع فأنفقت على نفسها ثم طلبته بذلك ، قال مالك ذلك عليه لها وترجع عليه وتغرمه ، قال : ولو خرجت من مسكنه وسكنت سواه لم يكن عليه كراء ابن المواز ، وذلك لا يشبه النفقة ، انتهى . وقال الجزولي في شرح قول الرسالة : ولا نفقة للزوجة حتى يدخل بها ، قال أبو محمد لا نفقة للناشز وهو المشهور ، وقيل : لها النفقة ، وهذا في بلد لا حكم فيه ، وأما بلد فيه الحكم فينفق ; لأنه حين لم يرفعها فقد رضي ، قال : والنشوز أن تخرج إلى بيت أوليائها بغير إذنه أو تمنعه من الوطء ، انتهى . وقوله : وإن لم تحمل ، قال ابن رشد بلا خلاف في ذلك ; لأن للناشز الحامل النفقة للحمل لا لأجلها

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية