الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6503 38 - حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، حدثنا الحجاج بن أبي عثمان، حدثني أبو رجاء من آل أبي قلابة، حدثني أبو قلابة أن عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يوما للناس، ثم أذن لهم فدخلوا، فقال: ما تقولون في القسامة، قال: نقول: القسامة القود بها حق، وقد أقادت بها الخلفاء، قال لي: ما تقول يا أبا قلابة ؟ ونصبني للناس، فقلت: يا أمير المؤمنين عندك رؤوس الأجناد وأشراف العرب، أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل محصن [ ص: 61 ] بدمشق أنه قد زنى، ولم يروه، أكنت ترجمه ؟ قال: لا، قلت: أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل بحمص أنه سرق أكنت تقطعه ولم يروه ؟ قال: لا، قلت: فوالله ما قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا قط إلا في إحدى ثلاث خصال: رجل قتل بجريرة نفسه، فقتل، أو رجل زنى بعد إحصان، أو رجل حارب الله ورسوله، وارتد عن الإسلام، فقال القوم: أوليس قد حدث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في السرق، وسمر الأعين، ثم نبذهم في الشمس ؟ فقلت: أنا أحدثكم حديث أنس .

                                                                                                                                                                                  حدثني أنس أن نفرا من عكل ثمانية قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام، فاستوخموا الأرض، فسقمت أجسامهم، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أفلا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من ألبانها وأبوالها ؟ قالوا: بلى، فخرجوا، فشربوا من ألبانها وأبوالها فصحوا، فقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأطردوا النعم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل في آثارهم، فأدركوا، فجيء بهم، فأمر بهم، فقطعت أيديهم، وأرجلهم، وسمر أعينهم، ثم نبذهم في الشمس حتى ماتوا، قلت: وأي شيء أشد مما صنع هؤلاء ؟ ارتدوا عن الإسلام، وقتلوا، وسرقوا، فقال عنبسة بن سعيد: والله إن سمعت كاليوم قط، فقلت: أترد علي حديثي يا عنبسة ؟ قال: لا، ولكن جئت بالحديث على وجهه، والله لا يزال هذا الجند بخير ما عاش هذا الشيخ بين أظهرهم، قلت: وقد كان في هذا سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم: دخل عليه نفر من الأنصار فتحدثوا عنده، فخرج رجل منهم بين أيديهم فقتل، فخرجوا بعده، فإذا هم بصاحبهم يتشحط في الدم، فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، صاحبنا كان تحدث معنا فخرج بين أيدينا، فإذا نحن به يتشحط في الدم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بمن تظنون أو ترون قتله ؟ قالوا: نرى أن اليهود قتلته، فأرسل إلى اليهود فدعاهم، فقال: آنتم قتلتم هذا ؟ قالوا: لا، قال: أترضون نفل خمسين من اليهود ما قتلوه ؟ فقالوا: ما يبالون أن يقتلونا أجمعين، ثم ينتفلون، قال: أفتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم ؟ قالوا: ما كنا لنحلف، فوداه من عنده، قلت: وقد كانت هذيل خلعوا حليفا لهم في الجاهلية، فطرق أهل بيت من اليمن بالبطحاء، فانتبه له رجل منهم فحذفه بالسيف فقتله، فجاءت هذيل فأخذوا اليماني، فرفعوه إلى عمر بالموسم، وقالوا: قتل صاحبنا، فقال: إنهم قد خلعوه، فقال: يقسم خمسون من هذيل ما خلعوه، قال: فأقسم منهم تسعة وأربعون رجلا، وقدم رجل منهم من الشأم، فسألوه أن يقسم، فافتدى يمينه منهم بألف درهم، فأدخلوا مكانه رجلا آخر، فدفعه إلى أخي المقتول، فقرنت يده بيده، قالوا: فانطلقنا والخمسون الذين أقسموا، حتى إذا كانوا بنخلة [ ص: 62 ] أخذتهم السماء، فدخلوا في غار في الجبل، فانهجم الغار على الخمسين الذين أقسموا، فماتوا جميعا، وأفلت القرينان، واتبعهما حجر، فكسر رجل أخي المقتول، فعاش حولا، ثم مات، قلت: وقد كان عبد الملك بن مروان أقاد رجلا بالقسامة، ثم ندم بعد ما صنع، فأمر بالخمسين الذين أقسموا فمحوا من الديوان، وسيرهم إلى الشام
                                                                                                                                                                                  .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  إيراد البخاري هذا الحديث هنا من حيث إن الحلف فيه توجه أولا على المدعى عليه لا على المدعي كقصة النفر من الأنصار .

                                                                                                                                                                                  وأبو بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة هو إسماعيل المشهور بابن علية (اسم أمه) الأسدي بفتح السين، منسوب إلى بني أسد بن خزيمة لأن أصله بل من مواليهم، والحجاج بفتح الحاء المهملة وتشديد الجيم الأولى هو المعروف بالصواب، واسم أبي عثمان ميسرة ، وقيل: سالم ، وكنية الحجاج أبو الصلت ، ويقال غير ذلك، وهو بصري، وهو مولى بني كندة ، وأبو رجاء (ضد الخوف) اسمه سلمان ، وهو مولى أبي قلابة بكسر القاف وتخفيف اللام: عبد الله بن زيد الجرمي بفتح الجيم وسكون الراء، ووقع ههنا من آل أبي قلابة ، وفيه تجوز، فإنه منهم باعتبار الولاء لا بالأصالة .

                                                                                                                                                                                  وقد أخرجه أحمد فقال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا حجاج ، عن أبي رجاء مولى أبي قلابة ، وكذا عند مسلم ، عن أبي شيبة .

                                                                                                                                                                                  وعمر بن عبد العزيز هو أمير المؤمنين من الخلفاء الراشدين .

                                                                                                                                                                                  قوله: "أبرز" أي أظهر سريره، وهو ما جرت عادة الخلفاء بالاختصاص بالجلوس عليه، والمراد به أنه أخرجه إلى ظاهر الدار لا إلى جهة الشارع، وكان ذلك زمن خلافته، وهو بالشام .

                                                                                                                                                                                  قوله: "ثم أذن لهم" أي للناس، فدخلوا عنده .

                                                                                                                                                                                  قوله: "القسامة القود بها حق" ، القسامة مبتدأ، وقوله: "القود" مبتدأ ثان، و"حق" خبره، والجملة خبر المبتدإ الأول، ومعنى "حق": واجب .

                                                                                                                                                                                  قوله: "الخلفاء" نحو معاوية بن أبي سفيان ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الملك بن مروان ، لأنه نقل عنهم أنهم كانوا يرون القود بالقسامة .

                                                                                                                                                                                  قوله: "يا با قلابة " أصله: يا أبا قلابة بالهمزة، حذفت للتخفيف، وأبو قلابة هو الراوي في الحديث .

                                                                                                                                                                                  قوله: "ونصبني" قال الكرماني : أي أجلسني خلف سريره للإفتاء ولإسماع العلم، وقيل: معناه أبرزني لمناظرتهم، أو لكونه خلف السرير، فأمره أن يظهر، وهذا التفسير أحسن، ويساعده رواية أبي عوانة : وأبو قلابة خلف السرير قاعد، فالتفت إليه فقال: ما تقول يا أبا قلابة .

                                                                                                                                                                                  قوله: "رؤوس الأجناد" بفتح الهمزة، وسكون الجيم: جمع جند وهو في الأصل الأنصار والأعوان، ثم اشتهر في المقاتلة، وكان عمر رضي الله تعالى عنه قسم الشام بعد موت أبي عبيدة ومعاذ على كل أربعة أمراء، مع كل أمير جند، فكان كل من فلسطين ودمشق وحمص وقنسرين يسمى جندا باسم الجند الذين نزلوها، وقيل: كان الرابع الأردن ، وإنما أفردت قنسرين بعد ذلك، وكان أمراء الأجناد خالد بن الوليد ، ويزيد بن أبي سفيان ، وشرحبيل بن حسنة ، وعمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهم .

                                                                                                                                                                                  قوله: "وأشراف العرب" وفي رواية أحمد بن حرب : وأشراف الناس، الأشراف جمع شرف، يقال: فلان شرف قومه، أي رئيسهم وكريمهم، وذو قدر وقيمة عندهم، يرفع الناس أبصارهم للنظر إليه، ويستشرفونه .

                                                                                                                                                                                  قوله: "أرأيت" أي أخبرني .

                                                                                                                                                                                  قوله: "بدمشق" أي كائن بدمشق بكسر الدال وفتح الميم وسكون الشين المعجمة: البلد المشهور بالشام ديار الأنبياء عليهم السلام .

                                                                                                                                                                                  قوله: " بحمص " بكسر الحاء المهملة وسكون الميم: بلد مشهور بالشام ، وقال الشيخ أبو الحسن القابسي : لم يمثل أبو قلابة بما شبهه ؛ لأن الشهادة طريقها غير طريق اليمين، وقال: والعجب من عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه على مكانته من العلم: كيف لم يعارض أبا قلابة في قوله ؟ وليس أبو قلابة من فقهاء التابعين، وهو عند الناس معدود في البلد، وقال صاحب التوضيح: ويدل على صحة مقالة الشيخ أبي الحسن في الفرق بين الشهادة واليمين، أنه صلى الله عليه وسلم عرض على أولياء المقتول اليمين، وعلم أنهم لم يحضروا بخيبر .

                                                                                                                                                                                  قوله: "إلا في إحدى" ، وفي رواية أحمد بن حرب : إلا بإحدى .

                                                                                                                                                                                  قوله: "قتل بجريرة نفسه" بفتح الجيم وهو الذنب والجناية، أي قتل نفسا بما يجر إلى نفسه من الذنب أو الجناية، أي قتل ظلما، فقتل قصاصا .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فقتل" على صيغة المجهول، ويروى "فقتل" على صيغة المعلوم، أي قتله رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 63 ] قيل: هذا الحديث حجة على أبي قلابة ، لأنه إذا ثبت القسامة فقتل قصاصا أيضا، وأجيب بأنه ربما أجاب بأنه بعد ثبوتها لا يستلزم القصاص لانتفاء الشرط .

                                                                                                                                                                                  قوله: "أوليس" الهمزة للاستفهام، والواو للعطف على مقدر لائق بالمقام .

                                                                                                                                                                                  قوله: "في السرق" بفتح السين والراء مصدر سرق سرقا، وقال الكرماني : السرق جمع سارق، وبالكسر السرقة .

                                                                                                                                                                                  قوله: "وسمر الأعين" بالتشديد والتخفيف، ومعناه كحلها بالمسامير .

                                                                                                                                                                                  قوله: "ثم نبذهم" أي طرحهم .

                                                                                                                                                                                  قوله: "من عكل " بضم العين المهملة وسكون الكاف، وهي قبيلة، فإن قلت: قد تقدم في الطهارة من العرنيين ، قلت: كان بعضهم من عكل ، وبعضهم من العرنيين ، وثبت كذلك في بعض الطرق .

                                                                                                                                                                                  قوله: "ثمانية" بالنصب بدل من "نفرا" .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فاستوخموا الأرض" أي لم توافقهم وكرهوها، وأصله من الوخم بالخاء المعجمة، يقال: وخم الطعام إذا ثقل فلم يستمرأ فهو وخيم .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فسقمت" بكسر القاف .

                                                                                                                                                                                  قوله: "أجسامهم" ، وفي رواية أحمد بن حرب "أجسادهم" .

                                                                                                                                                                                  قوله: "مع راعينا" اسمه يسار (ضد اليمين) النوبي بضم النون وبالباء الموحدة .

                                                                                                                                                                                  قوله: "وأطردوا النعم" أي ساقوا الإبل .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فأدركوا" على صيغة المجهول، وهذا الحديث قد مر أكثر من عشر مرات منها في كتاب الوضوء .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فقال عنبسة " بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الباء الموحدة ثم بالسين المهملة، ابن سعيد الأموي ، أخو عمرو بن سعيد الأشدق ، واسم جده العاص بن سعيد بن العاص بن أمية ، وكان عنبسة من خيار أهل بيته، وكان عبد الملك بن مروان بعد أن قتل أخاه عمرو بن سعيد يكرمه، وله رواية وأخبار مع الحجاج بن يوسف ، ووثقه ابن معين وغيره .

                                                                                                                                                                                  قوله: "إن سمعت كاليوم قط" كلمة "إن" بكسر الهمزة وسكون النون بمعنى (ما) النافية، ومفعول "سمعت" محذوف تقديره: ما سمعت قبل اليوم مثل ما سمعت منك اليوم .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فقلت: أترد علي" ، القائل أبو قلابة ، كأنه فهم من كلام عنبسة إنكار ما حدث به .

                                                                                                                                                                                  قوله: "قال: لا" أي قال عنبسة : لا أرد عليك .

                                                                                                                                                                                  قوله: "هذا الشيخ" أي أبو قلابة .

                                                                                                                                                                                  قوله: "وقد كان" إلى قوله: "فوداه من عنده" من كلام أبي قلابة ، أورد فيه لأنه قصة عبد الله بن سهل المذكورة .

                                                                                                                                                                                  قوله: "في هذا" قال الكرماني : أي في مثل هذا سنة، وهي أنه يحلف المدعى عليه أولا .

                                                                                                                                                                                  قوله: "دخل عليه" إلى قوله: "وقد كانت هذيل " بيان القصة المذكورة، أي دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، "فقتل" على صيغة المجهول .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فإذا هم" كلمة إذا للمفاجأة .

                                                                                                                                                                                  قوله: "يتشحط" بالشين المعجمة وبالحاء والطاء المهملتين، أي يضطرب .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم" لعله لما جاؤوه كان في داخل بيته، أو في المسجد، فخرج إليهم فأجابهم .

                                                                                                                                                                                  قوله: "أو ترون" بضم أوله شك من الراوي، وهي بمعنى تظنون .

                                                                                                                                                                                  قوله: "نرى" بضم النون أي نظن أن اليهود قتلته، هكذا بتاء التأنيث في رواية المستملي ، وفي رواية غيره "قتله" بدون التاء، وقال بعضهم: في رواية المستملي "قتلنه" بصيغة الجمع، قلت: هذا غلط فاحش لأنه مفرد مؤنث، ولا يصح أن يقول: قتلنه بالنون بعد اللام لأنه صيغة جمع المؤنث .

                                                                                                                                                                                  قوله: "أترضون نفل خمسين يمينا" بفتح النون وسكون الفاء وبفتحها، وهو الحلف، وقال ابن الأثير : يقال: نفلته فنفل أي حلفته فحلف، ونفل وانتفل إذا حلف، وأصل النفل النفي، يقال: نفلت الرجل عن نسبه أي نفيته، وسميت اليمين في القسامة نفلا لأن القصاص ينفى بها .

                                                                                                                                                                                  قوله: "ثم ينتفلون" من باب الافتعال، أي ثم يحلفون .

                                                                                                                                                                                  قوله: "بأيمان خمسين" بالإضافة أو الوصف، وهو أولى .

                                                                                                                                                                                  قوله: "ما كنا لنحلف" بكسر اللام وبنصب الفاء، أي لأن نحلف .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فقلت" القائل هو أبو قلابة .

                                                                                                                                                                                  قوله: "وقد كانت هذيل " بضم الهاء وفتح الذال المعجمة، وهي القبيلة المشهورة، ينسبون إلى هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر ، وهي قصة موصولة بالسند المذكور إلى أبي قلابة ، لكنها مرسلة ؛ لأن أبا قلابة لم يدرك عمر رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  قوله: "حليفا" بالحاء المهملة وبالفاء، هكذا رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره "خليعا" بالخاء المعجمة وبالعين المهملة على وزن فعيل بفتح الفاء وكسر العين، والخليع يقال لرجل قال له قومه: ما لنا منك ولا علينا، وبالعكس، وتخالع القوم: إذا نقضوا الحلف، فإذا فعلوا ذلك لم يطالبوه بجناية، فكأنهم خلعوا اليمين التي كانوا كتبوها معه، ومنه سمي الأمير إذا عزل خليعا .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فطرق" بفتح الطاء المهملة، أي هجم عليهم ليلا .

                                                                                                                                                                                  قوله: " بالبطحاء " أي ببطحاء مكة ، وهو واد بها الذي فيه حصاه اللين في بطن المسيل، والبطحاء : [ ص: 64 ] الحصى الصغار .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فانتبه له" أي للخليع المذكور، "فحذفه" أي رماه بسيف فقتله .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فأخذوا اليماني" بتخفيف الياء، أي الرجل اليماني .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فرفعوه إلى عمر " أي فرفعوا أمره إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  قوله: "بالموسم" بكسر السين، وهو الوقت الذي يجتمع فيه الحاج كل سنة كأنه وسم بذلك الوسم، وهو مفعل منه اسم للزمان، لأنه معلم لهم يقال: وسمه يسمه وسما وسمة: إذا أثر فيه بكي .

                                                                                                                                                                                  قوله: "قد خلعوا" أي قد خلعوه .

                                                                                                                                                                                  قوله: "تسعة وأربعون رجلا" فإن قلت: قال عمر : يقسم خمسون رجلا من هذيل ، قلت: مثل هذا الإطلاق جائز من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء، أو المراد الخمسون تقريبا .

                                                                                                                                                                                  قوله: "بنخلة" بفتح النون وسكون الخاء المعجمة: موضع على ليلة من مكة ، ولا ينصرف .

                                                                                                                                                                                  قوله: "أخذتهم السماء" أي المطر .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فانهجم الغار" أي سقط .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فماتوا جميعا" لأنهم حلفوا كاذبين .

                                                                                                                                                                                  قوله: "وأفلت القرينان" هما أخو المقتول والرجل الذي أكمل الخمسين، وهما اللذان قرنت يد أحدهما بيد الآخر، وقوله: "أفلت" على صيغة المعلوم أي تخلص، يقال: أفلت وتفلت وانفلت كلها بمعنى تخلص .

                                                                                                                                                                                  قوله: "واتبعهما حجر" بتشديد التاء، أي وقع عليهما بعد أن خرجا من الغار .

                                                                                                                                                                                  قوله: "قلت" القائل هو أبو قلابة .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فمحوا" بضم الميم من المحو .

                                                                                                                                                                                  قوله: "من الديوان" بكسر الدال وفتحها، وهو الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش، وأصل العطاء، وأول من دون الديوان عمر رضي الله تعالى عنه، وهو فارسي معرب .

                                                                                                                                                                                  قوله: "إلى الشام " أي نفاهم، وفي رواية أحمد بن حرب : من الشام ، وهذه أوجه ؛ لأن إمامة عبد الملك كانت بالشام ، اللهم إلا أن يقال: لما نفاهم كان بالعراق لمحاربة مصعب بن الزبير ، فحينئذ يكونون من أهل العراق ، فنفاهم إلى الشام ، وقال القابسي : عجبا لعمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه: كيف أبطل حكم القسامة الثابت بحكم رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وعمل الخلفاء الراشدين بقول أبي قلابة ، وهو من جملة التابعين ؟ وسمع منه في ذلك قولا مرسلا غير مسند مع أنه انقلبت عليه قصة الأنصار إلى قصة خيبر ، فركب إحداهما بالأخرى لقلة حفظه، وكذا سمع حكاية مرسلة مع أنها لا تعلق بها بالقسامة، إذ الخلع ليس قسامة، وكذا محو عبد الملك لا حجة فيه، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية