الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ظفر الهند على المسلمين

لما اشتدت نكاية شهاب الدين في بلاد الهند وإثخانه في أهلها واستيلاؤه عليها ، اجتمع ملوكهم وتآمروا بينهم ، ووبخ بعضهم بعضا ، فاتفق رأيهم على الاجتماع والتعاضد على حربه ، فجمعوا عساكرهم وحشدوا ، وأقبل إليهم الهنود من كل فج عميق على الصعب والذلول ، وجاءوا بحدهم وحديدهم ، وكان الحاكم على جميع الملوك المجتمعين امرأة هي من أكبر ملوكهم .

فلما سمع باجتماعهم ومسيرهم إليه تقدم هو أيضا إليهم في عسكر عظيم من الغورية والخلج والخراسانية وغيرهم ، فالتقوا واقتتلوا ، فلم يكن بينهم كثير قتال حتى انهزم المسلمون وركبهم الهنود يقتلون ويأسرون ، وأثخنوا فيهم ، وأصاب شهاب [ ص: 196 ] الدين ضربة بطلت منها يده اليسرى ، وضربة أخرى على رأسه سقط منها إلى الأرض ، وحجز الليل بين الفريقين ، فأحس شهاب الدين بجماعة من غلمانه الأتراك في ظلمة الليل وهم يطلبونه في القتلى ويبكون ، وقد رجع الهنود إلى ورائهم ، وكلمهم وهو على ما به من الجهد ، فجاءوا إليه مسرعين ، وحملوه على رءوسهم رجالة يتناوبون حمله ، حتى بلغوا مدينة آجرة مع الصباح .

وشاع خبر سلامته في الناس ، فجاءوا إليه يهنئونه من أقطار البلاد ، فأول ما عمل أنه أخذ أمراء الغورية الذين انهزموا عنه وأسلموه ، فملأ مخالي خيلهم شعيرا ، وحلف لئن لم يأكلوه ليضربن أعناقهم ، فأكلوه ضرورة .

وبلغ الخبر إلى أخيه غياث الدين فكتب إليه يلومه على عجلته وإقدامه وأنفذ إليه جيشا عظيما .

التالي السابق


الخدمات العلمية