الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      172 حدثنا مسدد أخبرنا يحيى عن سفيان حدثني علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد ومسح على خفيه فقال له عمر إني رأيتك صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه قال عمدا صنعته [ ص: 228 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 228 ] ( يوم الفتح ) : أي فتح مكة شرفها الله تعالى وهو سنة ثمان من الهجرة ( خمس صلوات بوضوء واحد ) : قال الإمام محيي الدين النووي : والحديث فيه جواز الصلوات المفروضات والنوافل بوضوء واحد ما لم يحدث ، وهذا جائز بإجماع من يعتد به . وحكى أبو جعفر الطحاوي وأبو الحسن بن بطال في شرح صحيح البخاري عن طائفة من العلماء أنهم قالوا يجب الوضوء لكل صلاة وإن كان متطهرا ، واحتجوا بقول الله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الآية وما أظن هذا المذهب يصح عن أحد ، ولعلهم أرادوا استحباب تجديد الوضوء عند كل صلاة ، ودليل الجمهور الأحاديث الصحيحة منها حديث بريدة هذا ، وحديث أنس في صحيح البخاري : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة وكان أحدنا يكفيه الوضوء ما لم يحدث . وحديث سويد بن نعمان الذي تقدمت الإشارة إليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر ثم أكل سويقا ثم صلى المغرب ولم يتوضأ . وفي معناه أحاديث كثيرة كحديث الجمع بين الصلاتين بعرفة والمزدلفة وسائر الأسفار والجمع بين الصلوات الفائتات يوم الخندق وغير ذلك . وأما الآية الكريمة فالمراد بها والله أعلم . إذا قمتم محدثين وقيل إنها منسوخة . قال النووي : وهذا القول ضعيف ( لم تكن تصنعه ) : قبل هذا ( قال ) : النبي صلى الله عليه وسلم ( عمدا صنعته ) : قال علي بن سلطان في مرقاة المفاتيح : الضمير راجع للمذكور وهو جمع الصلوات الخمس بوضوء واحد والمسح على الخفين ، وفيه دليل على أن من يقدر أن يصلي صلوات كثيرة بوضوء واحد لا يكره صلاته إلا أن يغلب عليه الأخبثان . كذا ذكره الشراح ، لكن رجوع الضمير إلى مجموع الأمرين يوهم أنه لم يكن يمسح على الخفين قبل الفتح ، والحال أنه ليس كذلك ، فالوجه أن يكون الضمير راجعا إلى الجمع فقط أي جمع الصلوات بوضوء واحد . انتهى كلامه . قال النووي : وأما قول عمر رضي الله عنه صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه ففيه تصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على الوضوء لكل صلاة عملا بالأفضل ، وصلى الصلوات في هذا اليوم بوضوء واحد بيانا للجواز ، كما قال صلى الله عليه وسلم عمدا صنعته يا عمر . انتهى . قال المنذري : وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .




                                                                      الخدمات العلمية