الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ومن سورة الأعلى إلى آخر القرآن تقدم إمالة رءوس آيها من لدن الأعلى إلى وموسى في باب الإمالة .

                                                          ( واختلفوا ) في : والذي قدر فقرأ الكسائي قدر بتخفيف الدال وقرأ الباقون [ ص: 400 ] بتشديدها ( واختلفوا ) في : بل تؤثرون فقرأ أبو عمرو بالغيب ، وانفرد ابن مهران بذلك عن روح في كل كتبه وبالخلاف عن رويس في بعضها ، وقرأ الباقون بالخطاب ، وهم في إدغام اللام على أصولهم .

                                                          ( واختلفوا ) في : تصلى نارا فقرأ البصريان ، وأبو بكر بضم التاء وقرأ الباقون بفتحها ، وتقدم آنية لهشام في الإمالة .

                                                          ( واختلفوا ) في : لا تسمع فيها لاغية فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ورويس لا يسمع بياء مضمومة على التذكير لاغية بالرفع ، وقرأ نافع كذلك إلا أنه بالتاء على التأنيث ، وقرأ الباقون بالتاء مفتوحة لاغية بالنصب ، وتقدم بمسيطر في الطور .

                                                          ( واختلفوا ) في : إيابهم فقرأ أبو جعفر بتشديد الياء ، وقرأ الباقون بتخفيفها .

                                                          ( واختلفوا ) في : الوتر فقرأ حمزة والكسائي وخلف بكسر الواو ، وقرأ الباقون بفتحها .

                                                          ( واختلفوا ) في : فقدر فقرأ أبو جعفر وابن عامر بتشديد الدال ، وقرأ الباقون بتخفيفها .

                                                          ( واختلفوا ) في : تكرمون اليتيم ، ولا تحاضون ، وتأكلون ، وتحبون فقرأ البصريان سوى الزبيري عن روح بالغيب في الأربعة ، وقرأ الباقون بالخطاب ومعهم الزبيري عن روح وأثبت الألف بعد الحاء في تحاضون أبو جعفر ، والكوفيون ، ويمدون للساكن ، وتقدم وجيء أول البقرة .

                                                          ( واختلفوا ) في : لا يعذب ، ولا يوثق فقرأ يعقوب والكسائي بفتح الذال والثاء ، وقرأ الباقون بكسرهما ، وتقدم المطمئنة في الهمز المفرد . ( فيها من الإضافة ياءان ) ربي أكرمني ، ربي أهانني فتحهما المدنيان ، وابن كثير وأبو عمرو .

                                                          ( ومن الزوائد أربع ياءات ) يسر أثبتها وصلا المدنيان ، وأبو عمرو ، وفي الحالين يعقوب وابن كثير . بالواد أثبتها وصلا ورش ، وفي الحالين يعقوب وابن كثير بخلاف عن قنبل في الوقف كما تقدم . أكرمن و أهانن أثبتهما وصلا المدنيان ، وأبو عمرو وبخلاف عنه على ما ذكر في باب الزوائد ، وفي الحالين [ ص: 401 ] يعقوب والبزي .

                                                          ( واختلفوا ) في : مالا لبدا فقرأ أبو جعفر بتشديد الباء ، وقرأ الباقون بتخفيفها ، وتقدم أيحسب في البقرة ( و أن لم يره ) في هاء الكناية .

                                                          ( واختلفوا ) في : فك رقبة ، أو إطعام فقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ، فك بفتح الكاف رقبة بالنصب أو أطعم بفتح الهمزة والميم من غير تنوين ، ولا ألف قبلها . وقرأ الباقون برفع فك وخفض رقبة ( إطعام ) بكسر الهمزة ورفع الميم مع التنوين وألف قبلها ، وتقدم مؤصدة في الهمز المفرد ، وتقدم رءوس آي والشمس وضحاها في الإمالة .

                                                          ( واختلفوا ) في : ولا يخاف فقرأ المدنيان ، وابن عامر فلا بالفاء ، وكذا هي في مصاحف المدينة وأهل الشام ، وقرأ الباقون بالواو ، وكذلك هي في مصاحفهم ، وتقدم رءوس آي والليل إذا يغشى في الإمالة ، وتقدم لليسرى و للعسرى لأبي جعفر في البقرة عند هزوا ، وتقدم ( نارا تلظى ) لرويس والبزي ، في تاءاته من البقرة ، وتقدم رءوس آي والضحى إلى فأغنى في الإمالة ، وتقدم العسر يسرا في الموضعين لأبي جعفر من البقرة عند هزوا ، وتقدم اقرأ في الموضعين لأبي جعفر في الهمز المفرد ، وتقدم إمالة رءوس آي العلق من قوله ليطغى إلى يرى في الإمالة ، واختلف عن قنبل في أن رآه استغنى ، فروى ابن مجاهد وابن شنبوذ ، وأكثر الرواة عنه رأه بقصر الهمزة من غير ألف ، ورواه الزينبي عن قنبل بالمد ، فخالف فيه سائر الرواة عن قنبل إلا أن ابن مجاهد غلط قنبلا في ذلك ، فربما لم يأخذ به ، وزعم أن الخزاعي رواه عن أصحابه بالمد ، ورد الناس على ابن مجاهد في ذلك بأن الرواية إذا ثبتت وجب الأخذ بها وإن كانت حجتها في العربية ضعيفة كما تقدم تقرير ذلك وبأن الخزاعي لم يذكر هذا الحرف في كتابه أصلا .

                                                          ( قلت ) : وليس ما رد به على ابن مجاهد في هذا لازما فإن الراوي إذا ظن غلط المروي عنه لا يلزمه رواية ذلك عنه إلا على سبيل البيان ، سواء كان المروي صحيحا أم ضعيفا ، إذ لا يلزم من غلط المروي عنه ضعف المروي في نفسه ، فإن قراءة مردفين بفتح الدال صحيحة مقطوع بها [ ص: 402 ] ، وقرأ بها ابن مجاهد على قنبل مع نصه أنه غلط في ذلك ، ولا شك أن الصواب مع ابن مجاهد في ذلك . وأما كون الخزاعي لم يذكر هذا الحرف في كتابه فلا يلزم أيضا ، فإنه يحتمل أن يكون سأله عن ذلك ، فإنه أحد شيوخه الذين روى عنهم قراءة ابن كثير ، والذي عندي في ذلك أنه أحد شيوخه الذين روى عنهم قراءة ابن كثير ، والذي عندي في ذلك أنه إن أخذ بغير طريق ابن مجاهد والزينبي عن قنبل كطريق ابن شنبوذ وأبي ربيعة الذي هو أجل أصحابه وكابن الصباح والعباس بن الفضل وأحمد بن محمد بن هارون ودلبة البلخي وابن ثوبان وأحمد بن محمد اليقطيني ومحمد بن عيسى الجصاص ، وغيرهم . فلا ريب في الأخذ له من طرقهم بالقصر وجها واحدا لروايتهم كذلك من غير إنكار ، وإن أخذ بطريق الزينبي عنه فالمد كالجماعة وجها واحدا ، وإن أخذ بطريق ابن مجاهد فينظر فيمن روى القصر عنه كصالح المؤدب وبكار بن أحمد والمطوعي والشنبوذي وعبد الله بن اليسع الأنطاكي وزيد بن أبي بلال ، وغيرهم ، فيؤخذ به كذلك ، وإن كان ممن روى المد عنه كأبي الحسن المعدل وأبي طاهر بن أبي هاشم وأبي حفص الكتاني ، وغيرهم فالمد فقط ، وإن كان ممن صح عنه الوجهان من أصحابه ؛ أخذ بهما كأبي السامري ، روى عنه فارس بن أحمد القصر ، وروى عنه ابن نفيس المد ، وكزيد بن علي بن أبي بلال ، روى عنه أبو الفرج النهرواني وأبو محمد بن الفحام القصر ، وروى عنه عبد الباقي بن الحسن المد . والوجهان جميعا من طريق ابن مجاهد في الكافي ، وتلخيص ابن بليمة ، وغيرهما ، ومن غير طريقه في التجريد والتذكرة ، وغيرهما ، وبالقصر قطع في التيسير ، وغيره من طريقه ، ولا شك أن القصر أثبت وأصح عنه من طريق الأداء ، والمد أقوى من طريق النص ، وبهما آخذ من طريقه جمعا بين النص والأداء ، ومن زعم أن ابن مجاهد لم يأخذ بالقصر ، فقد أبعد في الغاية ، وخالف الرواية ، والله تعالى أعلم . وتقدم الخلاف في إمالة الراء منه والهمزة في بابها ، وكذلك في أدراك ، و أرأيت ، ذكر في الهمز المفرد ، وتقدم ( تنزل الملائكة ) في تاءات البزي من البقرة .

                                                          ( واختلفوا ) [ ص: 403 ] في : مطلع الفجر فقرأ الكسائي وخلف بكسر اللام ، وقرأ الباقون بفتحها والأزرق عن ورش على أصله في تفخيمها ، وتقدم البرية لنافع وابن ذكوان في الهمز المفرد ، وتقدم خشي ربه في هاء الكناية ، وتقدم يصدر في النساء ، وتقدم خيرا يره و شرا يره في هاء الكناية ، وتقدم والعاديات ضبحا فالمغيرات صبحا في الإدغام الكبير ، وتقدم ما هيه نار في الوقف على الرسم .

                                                          ( واختلفوا ) في : لترون الجحيم فقرأ ابن عامر والكسائي بضم التاء ، وقرأ الباقون بفتحها ، واتفقوا على فتح التاء في الثانية ، وهو قوله تعالى : ثم لترونها عين اليقين لأن المعنى فيه : أنهم يرونها ، أي تريهم أولا الملائكة ، أو من شاء ، ثم يرونها بأنفسهم ، ولهذا قال الكسائي : إنك لترى أولا ، ثم ترى - والله أعلم - .

                                                          ( واختلفوا ) في : جمع مالا فقرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة والكسائي وخلف وروح بتشديد الميم ، وقرأ الباقون بتخفيفها ، وتقدم يحسب في البقرة و مؤصدة في الهمز المفرد .

                                                          ( واختلفوا ) في : عمد فقرأ حمزة والكسائي وخلف وأبو بكر بضم العين والميم ، وقرأ الباقون بفتحهما ، واتفقوا على قوله تعالى : خلق السماوات بغير عمد أنه بفتح العين والميم لأنه جمع عماد ، وهو البناء كإهاب وأهب وإدام ، ولهذا قيل في تفسيره : هو بناء محكم مستطيل يمنع المرتفع أن يميل .

                                                          ( واختلفوا ) في : لإيلاف قريش فقرأ ابن عامر بغير ياء بعد الهمزة ، مثل لعلاف مصدر ألف ثلاثيا ، يقال : ألف الرجل إلفا وإلافا ، وقرأ أبو جعفر بياء ساكنة من غير همز ، وقيل : إنه لما أبدل الثانية ياء حذف الأولى حذفا على غير قياس ، ويحتمل أن يكون الأصل عنده ثلاثيا كقراءة ابن عامر ، ثم خفف كإبل ، ثم أبدل على أصله ، ويدل على ذلك قراءته الحرف الثاني كذلك - والله أعلم - .

                                                          وقرأ الباقون بهمزة مكسورة بعدها ياء ساكنة .

                                                          ( واختلفوا ) في : إيلافهم فقرأ أبو جعفر بهمزة مكسورة من غير ياء ، وهي قراءة عكرمة وشيبة وابن عتبة وجاءت عن ابن كثير أيضا ، وروى الحافظ أبو العلاء عن أبي العز ، عن أبي علي الواسطي قال : داخلني شك في ذلك [ ص: 404 ] فأخذت عنه بالوجهين .

                                                          ( قلت ) : إن عنى بمثل " علفهم " بإسكان اللام كما هي رواية العمري عن أبي جعفر ، وقد خالفه الناس أجمعون ، فرواها عنه إيلافهم بلا شك ، وهو الصحيح وجها أن تكون مصدر ثلاثي كقراءة ابن عامر الأول . وإن عنى بمثل عنيهم ، بفتح اللام مع حذف الألف كما رواه الأهوازي في كتابه الإقناع وتبعه الحافظ أبو العلاء ، ومن أخذ منه - فهو شاذ وأحسبه غلطا من الأهوازي - والله أعلم - .

                                                          وقرأ الباقون بالهمزة وياء ساكنة بعدها ، وتقدم أرأيت و شانئك في الهمز المفرد ، وتقدم عابدون و عابد في الإمالة .

                                                          ( وفيها من الإضافة ياء واحدة ) ولي دين فتحها نافع وهشام وحفص والبزي ، بخلاف عنه .

                                                          ( ومن الزوائد ) دين أثبتها في الحالين يعقوب .

                                                          ( واختلفوا ) في : أبي لهب فقرأ ابن كثير بإسكان الهاء ، وقرأ الباقون بفتحها .

                                                          ( واتفقوا ) على فتح الهاء من ( ذات لهب ) ، ومن ولا يغني من اللهب لتناسب الفواصل ولثقل العلم بالاستعمال - والله أعلم - .

                                                          وما أحسن قول الإمام أبي شامة رحمه الله حيث قال : خفف العلم بالإسكان لثقل المسمى على الجنان ، والاسم على اللسان .

                                                          ( واختلفوا ) في : حمالة الحطب فقرأ عاصم حمالة بالنصب ، وقرأ الباقون بالرفع ، وتقدم كفوا ليعقوب وحمزة وخلف ولحفص في البقرة عند هزوا ، واختلف عن رويس في النفاثات ، فروى النخاس عن التمار عنه عن طريق الكارزيني والجوهري عن التمار النفاثات بألف بعد النون وكسر الفاء مخففة من غير ألف بعدها ، وكذا رواه أحمد بن محمد اليقطيني ، وغيره عن التمار . وهي رواية عبد السلام المعلم عن رويس ، ورواية أبي الفتح النحوي عن يعقوب ، وقراءة عبد الله بن القاسم المدني وأبي السمال وعاصم الجحدري ، ورواية ابن أبي شريح عن الكسائي وجاءت عن الحسن البصري ، وهي التي قطع بها لرويس صاحب المبهج ، وصاحب التذكرة ، وذكره عنه أيضا أبو عمرو الداني وأبو الكرم وأبو الفضل الرازي ، وغيرهم ، وروى باقي [ ص: 405 ] أصحاب التمار عنه عن رويس بتشديد الفاء وفتحها وألف بعدها من غير ألف بعد النون ، وبذلك قرأ الباقون ، وأجمعت المصاحف على حذف الألفين فاحتملتها القراءتان ، وكذلك النفاثات بما انفرد به أبو الكرم الشهرزوري في كتابه المصباح عن روح بضم النون وتخفيف الفاء وجمع " نفاثة " ، وهو ما نفثته من فيك ، وقرأ أبو الربيع والحسن أيضا النفاثات بغير ألف وتخفيف الفاء وكسرها ، والكل مأخوذ من النفث ، وهو شبه النفخ ، يكون في الرقية ، ولا ريق معه ، فإن كان معه ريق فهو من التفل ، يقال منه : نفث الراقي ينفث وينفث بالكسر والضم ، فالنفاثات في العقد بالتشديد السواحر على مراد تكرار الفعل والاحتراف به ، والنفاثات تكون للدفعة الواحدة من الفعل ولتكراره أيضا ، والنفثات يجوز أن يكون مقصورا من النفاثات ، ويحتمل أن يكون في الأصل على فعلات مثل حذرات ؛ لكونه لازما ، فالقراءات الأربع ترجع إلى شيء واحد ، ولا تخالف الرسم ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية