الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        1519 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن ابن شهاب ) كذا رواه الليث ، عن يونس ، وتابعه عبد الله بن وهب ، عن يونس عند أبي نعيم في المستخرج ، وخالفهما ابن المبارك فرواه عن يونس ، عن الزهري فقال : عن سحيم مولى بني زهرة ، عن أبي هريرة ، رواه الفاكهي من طريق نعيم بن حماد ، عن ابن المبارك ، فإن كان محفوظا فيكون للزهري فيه شيخان عن أبي هريرة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ذو السويقتين ) تثنية سويقة ، وهي تصغير ساق ؛ أي له ساقان دقيقان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( من الحبشة ) أي رجل من الحبشة ، ووقع هذا الحديث عند أحمد من طريق سعيد بن سمعان ، عن أبي هريرة بأتم من هذا السياق ، ولفظه يبايع للرجل بين الركن والمقام ، ولن يستحل هذا البيت إلا أهله ، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب ، ثم تجيء الحبشة فيخربونه خرابا لا يعمر بعده أبدا ، وهم الذين يستخرجون كنزه ولأبي قرة في " السنن " من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة . ونحوه لأبي داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، وزاد أحمد والطبراني من طريق مجاهد عنه : فيسلبها حليتها ، ويجردها من كسوتها ، كأني أنظر إليه أصيلع أفيدع يضرب عليها بمسحاته أو بمعوله . وللفاكهي من طريق مجاهد نحوه ، وزاد : " قال مجاهد : فلما هدم ابن الزبير الكعبة جئت أنظر إليه هل أرى الصفة التي قال عبد الله بن عمرو ، فلم أرها " . قيل : هذا الحديث يخالف قوله تعالى : أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا . ولأن الله حبس عن مكة الفيل ، ولم يمكن أصحابه من تخريب الكعبة ولم تكن إذ ذاك قبلة ، فكيف يسلط عليها الحبشة بعد أن صارت قبلة للمسلمين ؟ وأجيب بأن ذلك محمول على أنه يقع في آخر الزمان قرب قيام الساعة ، حيث لا يبقى في الأرض أحد يقول : الله الله ، كما ثبت في صحيح مسلم : لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض : الله الله . ولهذا وقع في رواية سعيد بن سمعان : " لا يعمر بعده أبدا " . وقد وقع قبل ذلك فيه من القتال وغزو أهل الشام له في زمن يزيد بن معاوية ، ثم من بعده في وقائع كثيرة من أعظمها وقعة القرامطة بعد الثلاثمائة ، فقتلوا من المسلمين في المطاف من لا يحصى كثرة ، وقلعوا الحجر الأسود ، فحولوه إلى بلادهم ثم أعادوه بعد مدة طويلة ، ثم غزي مرارا بعد ذلك ، كل ذلك لا يعارض قوله تعالى : أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا لأن ذلك إنما وقع بأيدي المسلمين ، فهو مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم : ولن [ ص: 540 ] يستحل هذا البيت إلا أهله ، فوقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو من علامات نبوته ، وليس في الآية ما يدل على استمرار الأمن المذكور فيها . والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية