الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ولا يجمع في المحصن بين الرجم والجلد ) لأنه عليه الصلاة والسلام لم يجمع ، [ ص: 241 ] ولأن الجلد يعرى عن المقصود مع الرجم ; لأن زجر غيره يحصل بالرجم إذ هو في العقوبة أقصاها وزجره لا يحصل بعد هلاكه .

التالي السابق


( قوله ولا يجمع في المحصن بين الرجم والجلد ) وهو قول مالك والشافعي ورواية عن أحمد ، ويجمع في رواية أخرى عنه ، وأهل الظاهر إلى أنه يجمع . للجمهور أنه عليه الصلاة والسلام لم يجمع ، وهذا على وجه القطع في ماعز والغامدية وصاحبة العسيف ، وقد تظافرت الطرق عنه عليه الصلاة والسلام أنه بعد سؤاله عن الإحصان وتلقينه الرجوع لم يزد على الأمر بالرجم فقال : { اذهبوا به فارجموه } وقال : { اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها } ولم يقل فاجلدها ثم ارجمها .

وقال في باقي الحديث { فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت } وكذا في الغامدية والجهنية إن كانت غيرها لم يزد على الأمر برجمها وتكرر ، ولم يزد أحد على ذلك فقطعنا بأنه لم يكن غير الرجم ، فقوله عليه الصلاة والسلام { خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة [ ص: 241 ] ورجم أو رمي بالحجارة } يجب قطعا كونه منسوخا .

قال ( ولأن الجلد يعري عن المقصود ) وهو الانزجار أو قصد الانزجار ; لأن القتل إذا كان لاحقا كان الجلد خلوا عن الفائدة الدنيوية التي شرع لها الحد والنسخ قد تحقق في حق الزنا فإنه كان أولا الأذى باللسان على ما أمر به تعالى من قوله { واللذان يأتيانها منكم فآذوهما } ثم نسخ بالحبس في حقهن بقوله تعالى { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم } إلى قوله { فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا } فإنه كان قبل سورة النور لقوله عليه الصلاة والسلام : { خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا } وإلا لقال خذوا عن الله ، ولا يخفى أن ذلك غير لازم . والصواب

ما ذكرنا من القطع بأنه لم يجمع بين الجلد والرجم فلزم نسخه وإن لم يعلم خصوص الناسخ . وأما جلد علي رضي الله عنه شراحة ثم رجمها فإما ; لأنه لم يثبت عنده إحصانها إلا بعد جلدها ، أو هو رأي لا يقاوم إجماع الصحابة رضي الله عنهم ولا ما ذكرنا من القطع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم




الخدمات العلمية