الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        واختلفوا على فرض وقوع التعادل في نفس الأمر ، مع عجز المجتهد عن الترجيح بينهما ، وعدم وجود دليل آخر ، فقيل : إنه مخير ، وبه قال أبو علي ، وأبو هاشم ، ونقله الرازي والبيضاوي ، عن القاضي أبي بكر الباقلاني .

                        وقيل : إنهما يتساقطان ، ويطلب الحكم من موضع آخر ، أو يرجع المجتهد إلى عموم أو إلى البراءة الأصلية ، ونقله إلكيا عن القاضي ، ونقله الأستاذ أبو منصور عن [ ص: 784 ] أهل الظاهر وبه قطع ابن كج ، وأنكر ابن حزم نسبته إلى الظاهرية ، وقال : إنما هو قول بعض شيوخنا وهو خطأ ، بل الواجب الأخذ بالزائد إذا لم يقدر على استعمالهما جميعا .

                        وقيل : إن كان التعارض بين حديثين تساقطا ، ولا يعمل بواحد منهما ، وإن كان بين قياسين فيخير ، حكاه ابن برهان في الوجيز عن القاضي ونصره .

                        وقيل : بالوقف ، حكاه الغزالي ، وجزم به سليم الرازي في التقريب ، واستبعده الهندي ؛ إذ الوقف فيه لا إلى غاية وأمد ، إذ لا يرجى فيه ظهور الرجحان ، وإلا لم يكن من مسألتنا ، بخلاف التعادل الذهني ، فإنه يتوقف إلى أن يظهر المرجح .

                        وقيل : يأخذ بالأغلظ ، حكاه الماوردي والروياني .

                        وقيل : يصير إلى التوزيع ، إن أمكن تنزيل كل أمارة على أمر ، حكاه الزركشي في البحر .

                        وقيل : إن كان بالنسبة إلى الواجبات فالتخيير ، وإن كان في الإباحة كالتحريم فالتساقط ، والرجوع إلى البراءة الأصلية ، ذكره في المستصفى .

                        وقيل : يقلد عالما أكبر منه ، ويصير كالعامي لعجزه عن الاجتهاد ، وحكاه إمام الحرمين .

                        وقيل : إنه كالحكم قبل ورود الشرع ، فتجيء فيه الأقوال المشهورة ، حكاه إلكيا الطبري ، فهذه تسعة مذاهب فيما كان متعارضا في نفس الأمر ، مع عدم إمكان الترجيح .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية