الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  62 باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم

                                                                                                                                                                                  4 - حدثنا خالد بن مخلد ، حدثنا سليمان ، حدثنا عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها ، وإنها مثل المسلم ; حدثوني ما هي ؟ قال : فوقع الناس في شجر البوادي . قال عبد الله : فوقع في نفسي أنها النخلة . ثم قالوا : حدثنا ما هي يا رسول الله ! قال : هي النخلة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي : هذا باب في بيان إلقاء الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ; أي ليمتحن ، من الاختبار وهو الامتحان ، وكلمة " من " في " العلم " بيانية ، والمناسبة بين البابين ظاهرة ; فإن الحديث فيهما واحد عن صحابي واحد ، غير أن الاختلاف في الترجمة ، فلذلك أعاد الحديث .

                                                                                                                                                                                  وأما التفاوت في نفس متن الحديث فشيء يسير ، وهو وجود الفاء في " فحدثوني " في الباب الأول ، وهاهنا بلا فاء ، على أن في بعض النسخ كلاهما بالفاء .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : ما الفرق بين الذي بالفاء وبين الذي بغيرها ؟ قلت : الأصل عدم الفاء لعدم الجهة الجامعة بين الجملتين المقتضية للعطف ; أما الأول فهو الفاء التي وقعت جوابا لشرط محذوف تقديره إن عرفتموها فحدثوني . فإن قلت : إذا كانت إعادة الحديث لأجل استفادة الترجمة التي عقد الباب لها منه ، فما الفائدة في تغيير رجال [ ص: 16 ] الإسناد ؟ قلت : قال الكرماني : المقامات مختلفة ; فرواية قتيبة للبخاري إنما كانت في مقام بيان معنى التحديث ، ورواية خالد في مقام بيان طرح المسألة ، فلهذا ذكر البخاري في كل موضع شيخه الذي روى الحديث له لذلك الأمر الذي روى لأجله مع ما فيه من التأكيد وغيره .

                                                                                                                                                                                  قلت : فيه فائدة أخرى ، وهو التنبيه على تعدد مشايخه واتساع روايته ، حتى إنه ربما أخرج حديثا واحدا من شيوخ كثيرة .

                                                                                                                                                                                  ثم خالد بن مخلد - بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة - أبو الهيثم القطواني - بفتح القاف والطاء - البجلي مولاهم الكوفي - وقطوان موضع بالكوفة - روى عن مالك وسليمان بن بلال وغيرهما ، روى عنه إسحاق بن راهويه وابنا أبي شيبة ومحمد بن بندار والبخاري عن ابن كرامة عنه .

                                                                                                                                                                                  قال أحمد بن حنبل وأبو حاتم : له أحاديث مناكير . وقال يحيى بن معين : ما به بأس . وقال أبو حاتم : يكتب حديثه . وقال ابن عدي : هو من المكثرين في محدثي الكوفة ، وهو عندي إن شاء الله لا بأس به .

                                                                                                                                                                                  وروى البقية غير أبي داود عن رجل عنه ، مات في المحرم سنة ثلاث عشرة ومائتين .

                                                                                                                                                                                  وسليمان هذا هو ابن بلال أبو محمد - ويقال : أبو أيوب - التيمي القرشي المدني مولى عبد الله بن أبي عتيق ، واسمه محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، كان بربريا جميلا حسن الهيئة عاقلا مفتيا ، ولي خراج المدينة وتوفي بها سنة اثنتين وسبعين ومائة في خلافة هارون الرشيد .

                                                                                                                                                                                  وقال أحمد : لا بأس به ، ثقة . وعن يحيى بن معين : ثقة صالح . روى له الجماعة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية