الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ليس للمطلقة ) بائنا بعد عدتها ( الخروج بالولد من بلدة إلى أخرى بينهما تفاوت ) فلو بينهما تفاوت بحيث يمكنه أن يبصر ولده ثم يرجع في نهاره لم تمنع . [ ص: 570 ] مطلقا لأنه كالانتفال من محلة إلى محلة شمني ( إلا إذا انتقلت من القرية إلى المصر ، وفي عكسه لا ) لضرر الولد بتخلقه بأخلاق أهل السواد ( إلا إذا كان ) ما انتقلت إليه ( وطنها وقد نكحها ثمة ) أي عقد عليها في وطنها ولو قرية في الأصح إلا دار الحرب إلا أن يكونا مستأمنين ( وهذا ) الحكم ( في الأم ) المطلقة فقط ( أما غيرها ) كجدة وأم ولد أعتقت ( فلا تقدر على نقله ) لعدم العقد بينهما ( إلا بإذنه ) كما يمنع الأب من إخراجه من بلد أمه . [ ص: 571 ] بلا رضاها ما بقيت حضانتها ، .

التالي السابق


( قوله : ليس للمطلقة بائنا إلخ ) أما المطلقة رجعية فحكمها حكم المنكوحة ليس لها الخروج ، لأن حق السكنى للزوج ، وأما المعتدة فليس لها الخروج قبل انقضاء العدة مطلقا بحر والظاهر أن المتوفى عنها زوجها كالمطلقة في ذلك ، فلا تملك ذلك بلا إذن الأولياء لقيامهم مقام الأب ، وما فيه إضرار بالولد ظاهر المنع ا هـ رملي .

لا يقال : إن معتدة الموت تخرج يوما وبعض الليل ، لأن المراد هنا الانتفال إلى بلدة أخرى وليس لها ذلك في العدة . وأما بعد انقضائها فلم أره ، وقول الرملي " لقيام الأولياء مقام الأب " يفيد منعها من ذلك بعد العدة أيضا لكن سئل شيخ مشايخنا العلامة الفقيه منلا علي التركماني عن يتيم في حضانة أمه له جد لأب تريد أمه السفر به من بلدها التي تزوجت فيها إلى بلدة أخرى فهل لجده منعها ؟ فأجاب بأن الواقع في كتب المذهب متونا وشروحا تقييد المسألة بالمطلقة والأب ؟ ولم نر من أجراها في غيرهما ، ومفاده أن الجد ليس له منعها ، وما قاله الخير الرملي لم يستند فيه إلى نقل فينبغي التوقف حتى نرى النقل الصريح فإن العلم أمانة ، هذا حاصل ما رأيته بخطه رحمه الله تعالى . ووجه توقفه التقييد بالأب والمطلقة ، فيحتمل كونه للاحتراز بقرينة تخصيصهم هذا الحكم بالأم المطلقة فقط ، ويحتمل عدمه لما قاله الرملي ، والله سبحانه أعلم . ( قوله : لم تمنع ) إلا إذا انتقلت من مصر إلى قرية كما يأتي . [ ص: 570 ] قوله : مطلقا ) سواء كان وطنا لها ، أو لا ، وقع العقد فيه ، أو لا بحر . ( قوله : من محلة إلى محلة ) أي في بلد واحدة الظاهر أنه لو كان بين المحلتين تفاوت تمنع . ( قوله : إلا إذا انتقلت إلخ ) قال الرملي في حواشي المنح : هذا خطأ تبع فيه صاحب البحر ، إذ ليس لها نقله من قرية إلى مصر بينهما تفاوت . والعجب في حكم لم يقل به أحد جعله متنا بمجرد تقليده للبحر . ا هـ .

وفي ط عن الهندية عن المحيط : وإن أرادت نقله من قرية إلى مصر جامع وليس ذلك مصرها ولا وقع النكاح فيها فليس لها ذلك إلا أن يكون المصر قريبا من القرية على التفسير الذي قلنا ا هـ . ( قوله : وفي عكسه لا إلخ ) أي وفي انتقالها من المصر إلى القرية لا تمكن من ذلك ولو كانت القرية قريبة لتضرر الولد بتخلقه بأخلاق أهل السواد : أي أهل القرى المجبولة على الجفاء . ( قوله : إلا إذا كان إلخ ) استثناء من قوله " وفي عكسه لا " ، ومثله ما إذا انتقلت من قرية إلى مصر أو إلى قرية ، أو من مصر إلى مصر ، ولذا عمم الشارح بقوله ما انتقلت إليه . ويمكن جعله مستثنى من قوله ليس للمطلقة الخروج ، ولكن كان حقه العطف بالواو وأفاده ط . ( قوله : أي عقد عليها في وطنها ) أفاد أن المراد بالنكاح مجرد العقد ، وأن الإشارة بثمة للوطن ، فلا بد في جواز الانتقال إلى البلدة البعيدة من شرطين : كونها وطنها ، وكون العقد فيها . وفي رواية الجامع الصغير اشتراط العقد دون الوطن . قال الزيلعي : والأول أصح لأن التزوج في دار ليس التزاما للمقام فيها عرفا فلا يكون لها النقلة إليها . ( قوله : ولو قرية في الأصح ) أي ولو كان الوطن الواقع فيه العقد قرية خلافا لما في شرح البقالي فإنه ضعيف كما في البحر . ( قوله : إلا دار الحرب ) استثناء من الاستثناء في المتن ، وقوله : إلا أن يكونا مستأمنين استثناء من قوله إلا دار الحرب أي لها الانتقال إلى وطنها الذي نكحها فيه إن لم يكن دار الحرب ، والزوج مسلم أو ذمي ، فلو كانا حربيين مستأمنين فلها ذلك كما في البدائع .

والحاصل أن عبارة المتن والشرح في غاية الخفاء مع التطويل فالأظهر والأخصر أن يقال : وللمطلقة الخروج بالولد من قرية إلى مصر قريبة لا عكسه ، ومن بلدة إلى أخرى هي وطنها وقد نكحها فيها ، ولو دار حرب لو زوجها حربيا مثلها فهذه عبارة موجزة نافعة جامعة مانعة . ( قوله : وهذا الحكم ) أي الذي ذكر من الخروج والتفصيل فيه ط . ( قوله : كجدة ) وغير الجدة من الحاضنات مثلها بالأولى كما في البحر . ( قوله : لعدم العقد بينهما ) لأن العقد على الزوجة في وطنها دليل الرضا بإقامتها بالولد فيه ولا عقد بينه وبين الجدة . ( قوله : إلا بإذنه ) أي إذن الأب وكذا من له حق الحضانة من الرجال ط تأمل . ( قوله : من إخراجه ) أي إلى مكان بعيد ، أو قريب يمكنها أن تبصره فيه ثم ترجع لأنها إذا كانت لها الحضانة يمنع من أخذه منها فضلا عن إخراجه ، فما في النهر من تقييده بالعبد أخذا مما يأتي عن الحاوي غير صحيح فافهم . ( قوله : من بلد أمه ) الظاهر أن غيرها من الحاضنات كذلك ط . ( قوله : ما بقيت حضانتها ) كذا في النهر وفيه كلام .




الخدمات العلمية