الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والمحجور عليه لسفه كغيره ) في وجوب الحج ؛ لأنه مكلف حر ( لكن لا يدفع المال ) الذي هو من مال السفيه ( إليه ) ؛ لأنه يتلفه وكذا مال نفسه إن علم أنه يصرفه في معصية وواضح أنه لو دفع إليه مال نفسه وملكه له لزمه نزعه منه إن قدر عليه ( بل يخرج معه الولي ) إن شاء ليحفظه وينفق عليه ما يليق به .

                                                                                                                              ( أو ينصب شخصا له ) ثقة ينوب عن الولي ولو بأجرة مثله من مال المولى كقائد الأعمى إن لم يجد ثقة متبرعا ، وإنما جاز له في الحضر أن يدفع له نفقة أسبوع فأسبوع حيث أمن من إتلافه لها ؛ لأنه يراقبه فيمتنع بسبب ذلك من إتلافها [ ص: 27 ] بخلافه في السفر لتعسر المراقبة فيه وبقي شرط خامس ، وهو أن يبقى بعد وجود الاستطاعة ما يمكنه السير فيه لأداء النسك على العادة بحيث لا يحتاج لقطع أكثر من مرحلة شرعية ولو في يوم واحد أو ليلة واحدة ، وإن اعتيد كما شمله كلامهم ، فإن انتفى ذلك لم يجب الحج أصلا فضلا عن قضائه خلافا لابن الصلاح ؛ لأن هذا عاجز حسا فكيف يكون مستطيعا ، وإنما وجبت الصلاة بأول الوقت قبل مضي زمن يسعها لإمكان تتميمها بعده ولا كذلك هنا وتظهر فائدة هذا النزاع في وصفه بالإيجاب فيوصف به عند ابن الصلاح .

                                                                                                                              ويجوز الاستئجار عنه بعد موته قطعا بخلافه على مقابله ، فإنه لا يوصف به وفي جواز الاستئجار عنه خلاف ، وإن كان الأصح منه الجواز أيضا وسادس ، وهو أن يوجد المعتبر في الإيجاب في الوقت ، فلو استطاع في رمضان مثلا ثم افتقر في شوال أو بعد حجهم وقبل الرجوع لمن هو معتبر في حقه فلا وجوب وسابع وثامن وهما خروج رفقة معه وقت العادة كما مر في الثالث المفهم لأولهما

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ؛ لأنه يراقبه إلخ ) قضيته أن الولي إذا خرج معه جاز أن يسلمه نفقة أسبوع فأسبوع ولا ينافي ذلك قوله بخلاف السفر إلخ ؛ لأن هذا إذا لم يخرج معه الولي لكن قضية قوله لتعسر المراقبة فيه خلافه .

                                                                                                                              ( قوله : بخلافه في السفر ) ظاهره ، وإن خرج معه الولد وقوله لتعسر المراقبة فيه فيه نظر إن أراد ولو مع خروج الولي معه ؛ لأن [ ص: 27 ] ملازمة الولي له في السفر أقرب وأقوى منها في الحضر .

                                                                                                                              ( قوله : بخلافه في السفر ) أي إذا لم يخرج معه الولي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإنما وجبت الصلاة إلخ ) في الكنز لشيخنا البكري ولا يخالف ذلك أن الصلاة تجب بتكبيرة ؛ لأن الشرط ثم امتداد السلامة مع ذلك وتصوير ذلك هنا لا يأتي فتأمله



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( والمحجور عليه بسفه ) مفهومه أن المحجور عليه بفلس ليس كذلك فيمنع منه لتعلق حق الغرماء بأمواله وظاهره ولو كان الحج فوريا بأن أفسد الحج قبل الحجر عليه بالفلس فليراجع ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : في وجوب الحج إلخ ) عبارة النهاية في وجوب النسك عليه ولو بنحو نذر قبل الحجر ، وإن أحرم به بعده أو نفل شرع فيه قبل الحجر ا هـ زاد الونائي أما في التطوع الذي أحرم به بعد الحجر فيمنعه الولي منه وجوبا وكذا في نذر بعد حجر إن زادت نفقة سفره على نفقة الحضر ولا كسب له يفي بها فيتحلل بالصوم ويأمره الولي بذلك وليس له تحليله ا هـ أي : لا يلزمه إنما عليه حبسه فقط محمد صالح قول المتن ( لكن لا يدفع المال إليه إلخ ) أي : وإن قصرت مدة السفر نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : الذي هو من مال السفيه ) أي : فإن تبرع الولي بالإنفاق وأعطاه السفيه من غير تمليك فلا منع منه نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : وكذا مال نفسه ) أي : الولي إذا أعطاه السفيه من غير تمليك .

                                                                                                                              ( قوله : من مال المولى إلخ ) عبارة النهاية والمغني والأوجه أن أجرته كأجرة من يخرج مع المرأة ا هـ قال ع ش قوله م ر والأوجه أن أجرته إلخ أي : أجرة كل من الولي أو منصوبه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ؛ لأنه يراقبه إلخ ) قضيته أن الولي إذا خرج معه جاز أن يسلمه نفقة أسبوع فأسبوع ولا ينافي ذلك قوله بخلافه في السفر إلخ ؛ لأن هذا إذا لم يخرج معه الولي لكن قضية قوله لتعسر المراقبة فيه خلافه سم ويمكن دفع هذه القضية بحمل التعسر على التعذر عبارة النهاية والمغني ؛ لأن الولي في الحضر يراقبه ، فإن أتلفها أنفق عليه بخلاف السفر فربما أتلفها ولا يجد من ينفق عليه فيضيع ا هـ ، وهي كالصريح فيما قلت ( قوله [ ص: 27 ] لتعسر المراقبة فيه ) فيه نظر إن أراد ولو مع خروج الولي معه ؛ لأن ملازمة الولي له في السفر أقرب وأقوى منها في الحضر سم .

                                                                                                                              ( قوله : لم يجب الحج إلخ ) أي : إن تعذر البحر ونائي قال باعشن قوله إن تعذر البحر مفهومه أنه إذا لم يتعذر ركوبه بأن وجدت شروط الاستطاعة فيه دون البر وجب ركوبه ، وهو كذلك على أن اجتماع شروطها في سفر البر قليل ؛ لأن بعضه مخوف كما في سفر أهل اليمن وبعضه يسيرون فيه سيرا مشقا ؛ لأنهم يقطعون في مراحل كثيرة في اليوم أو الليلة ما يزيد على المرحلة بكثير كما في سفر أهل مصر والشام إلى الحج ولكن البحر توجد فيه شروطها ا هـ . أي : لو لم يوجد حين ركوبه أو خروجه منه بنحو جدة أخذ مال ظلما كما هو أي الأخذ موجود في زمننا

                                                                                                                              ( قوله : وإنما وجبت إلخ ) عبارة النهاية وذهب ابن الصلاح إلى أنه شرط الاستقرار في ذمته لا لوجوبه بل متى وجدت استطاعته ، وهو من أهل وجوبه لزمه في الحال كالصلاة تجب بأول الوقت قبل مضي زمن يسعها وتستقر في الذمة بمضي زمن يمكن فعلها فيه وأجاب الأول بإمكان تتميمها بعد بخلاف الحج ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لإمكان تتميمها بعده ) أي : بعد أول الوقت ، فإنه يحتمل الخلو عن المانع قدر ما يسعها بخلاف ما هنا ، فإنا نقطع بوجود المانع والله أعلم ثم رأيت الفاضل المحشي سم قال وفي الكنز لشيخنا البكري ولا يخالف ذلك أن الصلاة تجب بتكبيرة ؛ لأن الشرط ثم امتداد السلامة مع ذلك وتصوير ذلك هنا في الحج لا يتأتى فتأمله انتهى ا هـ بصري .

                                                                                                                              ( قوله : في الإيجاب ) متعلق بالمعتبر و ( قوله في الوقت ) متعلق بأن يوجد .

                                                                                                                              ( قوله : لمن هو معتبر في حقه ) أي : بأن نوى الرجوع أو أطلق فأول وقت الاستطاعة خروج قافلته في وقت العادة وآخره الرجوع إلى وطنه إن اعتبر في حقه أو الموت بعد الحج فلو لم يعتبر في حقه كمن نوى الإقامة بمكة ومعه ما يكفيه للإقامة كصنعة أو مات بعد حجهم فهو مستطيع ومن ثم عصى وحاصل مسائل العصيان وعدمه فيمن أخر الحج بعد الاستطاعة ومات أو عضب في سنته أن الشخص إن استطاع وقت خروج قافلة بلده ثم مات أو عضب ، فإن مات أو عضب قبل حج الناس تلف ماله قبل أحدهما أو بعده وقبل حجهم أو بعد حجهم وقبل رجوعهم أو بعد رجوعهم أو لم يتلف لم يعص في العشر الصور ، وإن مات أو عضب بعد حجهم وقبل رجوعهم ، فإن تلف ماله قبل حجهم أو بعده وقبل موته أو عضبه لم يعص في الأربع الصور ، وإن تلف ماله بعد موته أو عضبه وقبل رجوعهم أو بعد رجوعهم أو لم يتلف لم يعص في صور العضب الثلاث ويعصي في صور الموت الثلاث ، وإن مات أو عضب بعد رجوعهم ، فإن تلف ماله قبل حجهم أو بعده وقبل رجوعهم لم يعص أو بعد رجوعهم وقبل موته أو عضبه أو بعده أو لم يتلف عصى فهذه ثلاثون صورة يعصي في تسع صور منها وكذا يقال في العمرة ونائي .

                                                                                                                              ( قوله : لمن هو معتبر في حقه إلخ ) مع قوله الآتي أما لو لم يتمكن إلخ فيه تدافع بالنسبة لصورة تلفه قبل الإياب ، فإن مقتضى ما هنا عدم الوجوب وما هناك الوجوب وعدم التمكن فليتأمل وقد يدفع بأن الوجوب المنفي هنا الوجوب في نفس الأمر والمثبت فيما سيأتي الوجوب بحسب الظاهر بصري .

                                                                                                                              ( قوله : خروج رفقة معه إلخ ) عبارة النهاية والمغني ولا بد من وجود رفقة تخرج معه ذلك الوقت المعتاد ، فإن تقدموا بحيث زادت أيام السفر أو تأخروا بحيث احتاج أن يقطع معهم في يوم أكثر من مرحلة فلا وجوب لزيادة المؤنة في الأول وتضرره في الثاني ومحل اعتبار الرفقة عند خوف الطريق ، فإن كانت آمنة بحيث لا يخاف فيها الواحد لزمه ، وإن استوحش وفارق التيمم وغيره بأنه لا بدل لما هنا بخلافه ثم ا هـ وعبارة البصري قوله خروج رفقة تقدم أنه لا حاجة إليه عند التحقيق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : المفهم ) أي : الثالث ( لأولهما ) أي لاشتراط خروج رفقة معه




                                                                                                                              الخدمات العلمية