الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 279 ] قال ( وإذا شرع في الصلاة كبر ) لما تلونا ، وقال .

عليه الصلاة والسلام { تحريمها التكبير } وهو شرط عندنا خلافا للشافعي رحمه الله ، حتى أن من تحرم للفرض كان له أن يؤدي بها التطوع عندنا .

[ ص: 280 ] وهو يقول : إنه يشترط لها ما يشترط لسائر الأركان وهذا آية الركنية .

ولنا أنه عطف الصلاة عليه في قوله تعالى { وذكر اسم ربه فصلى } ومقتضاه المغايرة ، ولهذا لا يتكرر كتكرر الأركان ، ومراعاة الشرائط لما يتصل به من القيام

التالي السابق


( قوله وإذا شرع كبر ) أي إذا أراد الشروع كبر ، فإن التكبير سابق على الشروع ، فلفظ الشروع في إرادته مجاز من إطلاق اللازم على الملزوم لا المسبب في السبب لما أسفلناه من أن الإرادة قد يتخلف عنها المراد ، واللزوم المجوز للتجوز أعم من العقلي ، وفي الجملة ( قوله وهو شرط عندنا ) على القادر .

وفي المحيط : الأمي والأخرس لو افتتحا بالنية جاز لأنهما أتيا بأقصى ما في وسعهما انتهى .

ولا يجب عليه تحريك لسانه عندنا الواجب حركة بلفظ مخصوص ، فإذا تعذر نفس الواجب لا يحكم بوجوب غيره إلا بدليل ، ولا يصح إلا قائما ، ولو حبا إلى الإمام فكبر منحنيا ، إن كان القيام إلى أقرب صح وإلا فلا ، ولا يجوز قبل الإمام ولو مدة ففرغ الإمام قبله أو كبر قبله غير عالم بذلك جاز على قياس قولهما لا على قول أبي يوسف ( قوله حتى أن من تحرم للفرض كان له أن يؤدي به النفل ) وكذا بناء النفل على النفل ، ومقتضى كون هذا ثمرة كونه شرطا أن يجوز [ ص: 280 ] أيضا بناء الفرض على الفرض وعلى النفل .

وقد روي إجازة ذلك عن أبي اليسر .

والجمهور على منعه ومنع الملازمة بين كونه شرطا ، وجواز ما ذكر أصله النية شرط ، ولا تجوز صلاتان بنية والوضوء شرط وكان في صدر الإسلام واجبا لكل صلاة : نعم بقي أن يقال : إن شرط لكل صلاة لزم أن لا يصح بناء النفل على الفرض ، والأصح بناء الفرض على الفرض وعلى النفل ، ولا جواب إلا باختيار الأول ، وصحة النفل تبعا ( قوله ما يشترط لسائر الأركان ) من الستر والاستقبال وغيرهما ( قوله عطف الصلاة ) يعني في قوله تعالى { وذكر اسم ربه فصلى } ومقتضاه المغايرة ، فلو كانت ركنا لعطف على نفسه .

فإن الحاصل حينئذ فذكر اسم ربه وقام وقرأ إلخ ، لأن ذلك كله معنى صلى ، ولو صح هذا امتنع عطف العام على الخاص ، فإن اللازم واحد .

والأولى أن يقال : إن عطف الكل على الجزء وإن كان نظير العام على الخاص لكن جوازه لنكتة بلاغية وهي منعدمة هنا ، فلزم أن لا تكون منه فلا يكون التحريم من الصلاة فهي شرط وبهذا يتم الوجه .

وقوله ولهذا لا يتكرر إلخ زيادة فلا يضر عدم صحتها إذ لا يلزم من الركنية التكرر كالقعدة ( قوله ومراعاة الشرائط إلخ ) يتضمن منع قوله يشترط لها فقال لا نسلم أنه يشترط لها بل هو لما يتصل بها من الأركان لا لنفسها .

ولذا قلنا : لو تحرم حامل نجاسة أو مكشوف العورة أو قبل ظهور الزوال أو منحرفا فألقاها واستتر بعمل يسير وظهر الزوال واستقبل مع آخر جزء من التحريمة جاز ، وذكر في الكافي أنها عند بعض أصحابنا ركن انتهى .

وهو ظاهر كلام الطحاوي ، فيجب على قول هؤلاء أن لا تصح هذه الفروع




الخدمات العلمية