الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 276 ] [ ص: 277 ] 27 كتاب المحصر [ ص: 278 ] [ ص: 279 ] باب: المحصر وجزاء الصيد

                                                                                                                                                                                                                              وقوله تعالى فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي [البقرة: 196] وقال عطاء: الإحصار من كل شيء يحبسه.

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              تقدم في (باب طواف القارن) الكلام على الحصر، فراجعه من ثم، وأن أصله المنع والحبس، وقد يكون بعدو وقد يكون بمرض.

                                                                                                                                                                                                                              وأثر عطاء رواه ابن أبي شيبة: ثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج عنه قال: لا إحصار إلا من مرض أو عدو أو أمر حابس.

                                                                                                                                                                                                                              وحدثنا عبد الأعلى ، عن هشام، عنه في المحصر: إذا ذبح هديه حل من كل شيء هو بمنزلة الحلال.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 280 ] وقد أسلفنا الاختلاف اللغوي: هل يقال من العدو: حصر فهو محصور، ومن المرض: أحصر فهو محصر، وهو قول الكسائي وأبي عبيد، أو أحصر من المرض ومن العدو ومن كل شيء حبس الحاج، كما قال عطاء، وهو قول النخعي والثوري والكوفيين، وهو قول الفراء وأبي عمرو، والحجة لذلك الآية المذكورة، وإنما نزلت في الحديبية، وكان حبسهم يومئذ بالعدو.

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو عمرو : يقال حصرني الشيء وأحصرني: حبسني. وحكم الإحصار بعدو مخالف لحكم الإحصار بمرض عند الجمهور على ما يأتي بيانه بعد. وفي بعض نسخ البخاري بعد قوله: (وجزاء الصيد) وحصورا : لا يأتي النساء، وهو قول سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد في تفسير الآية، وهو بمعنى محصور، كأنه منع مما يكون من الرجال، وفعول بمعنى مفعول كثير في كلام العرب، كحلوب وركوب.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 281 ] وعن سعيد بن المسيب لما قرأ الآية أخذ من الأرض شيئا ثم قال: الحصور الذي ليس له إلا مثل هذا، وقيل: الحابس نفسه عن المعاصي.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن عباس : هو الذي لا ينزل.

                                                                                                                                                                                                                              قلت: والظاهر أنه الذي لا يقع منه مع القدرة; لأن العنة عيب، والأنبياء يصانون عنه، والآية حجة لأبي حنيفة والشافعي وأشهب في أن المحصور بعذر عليه الهدي، وانفرد أشهب بذلك بين أصحابه، والآية محمولة عند مالك وأصحابه على المرض، وفسر العزيزي الآية بالمنع من السير لمرض أو عدو أو غيره من العوائق.

                                                                                                                                                                                                                              ومذهب ابن عمر وابن عباس وأهل المدينة: أنه لا يكون إلا من عدو، وابن مسعود وأهل الكوفة: أنه منه ومن المرض، وعليهما الهدي واجب على من منع لعدو، والمعنى فرضيته للمحصر.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية