الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر أخذ حران من نور الدين وعودها إليه

في هذه السنة مرض نور الدين محمود بن زنكي ، صاحب حلب ، مرضا شديدا وأرجف بموته ، وكان بقلعة حلب ، ومعه أخوه الأصغر أمير أميران ، فجمع الناس ، وحصر القلعة . وكان شيركوه ، وهو أكبر أمرائه ، بحمص ، فبلغه خبر موته ، فسار إلى دمشق ليتغلب عليها وبها أخوه نجم الدين أيوب ، فأنكر عليه أيوب ذلك ، وقال : أهلكتنا ! والمصلحة أن تعود إلى حلب ، فإن كان نور الدين حيا خدمته في ( هذا ) الوقت ، وإن كان قد مات ، فإنا في دمشق نفعل ما نريد من ملكها ، فعاد إلى حلب [ ص: 267 ] مجدا ، وصعد القلعة ، وأجلس نور الدين في شباك يراه الناس ، وكلمهم ، فلما رأوه حيا تفرقوا عن أخيه أمير أميران ، فسار إلى حران فملكها .

فلما عوفي نور الدين قصد حران ليخلصها ، فهرب أخوه منه ، وترك أولاده بحران في القلعة ، فملكها نور الدين ، وسلمها إلى زين الدين علي نائب أخيه قطب [ الدين ] ، صاحب الموصل ، ثم سار نور الدين بعد أخذ حران إلى الرقة ، وبها أولاد أميرك الجاندار ، وهو من أعيان الأمراء ، وقد توفي وبقي أولاده ، فنازلها ، فشفع جماعة من الأمراء فيهم ، فغضب من ذلك ، وقال : هلا شفعتم في أولاد أخي لما أخذت منهم حران ، وكانت الشفاعة فيهم من أحب الأشياء إلي ! فلم يشفعهم وأخذها منهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية