الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        3195 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : ثنا عثمان بن عمر بن فارس ، قال : ثنا شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله .

                                                        قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث ، أن هذين الشهرين ، لا ينقصان ، فتكلم الناس في معنى ذلك .

                                                        فقال قوم : لا ينقصان ، أي لا يجتمع نقصانهما في عام واحد .

                                                        وقد يجوز أن ينقص أحدهما .

                                                        وهذا قول قد دفعه العيان ؛ لأنا قد وجدناهما ينقصان في أعوام ، وقد يجمع ذلك في كل واحد منهما .

                                                        فدفع ذلك قوم ، بهذا وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قد ذكرناه في غير هذا الموضع ، أنه قال في شهر رمضان : [ ص: 59 ] صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين .

                                                        وبقوله : إن الشهر قد يكون تسعا وعشرين ، وقد يكون ثلاثين .

                                                        فأخبر أن ذلك جائز في كل شهر من الشهور ، وسنذكر ذلك بإسناده في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله .

                                                        وذهب آخرون إلى تصحيح هذه الآثار كلها ، وقالوا : أما قوله : صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته فإن الشهر قد يكون تسعا وعشرين ، وقد يكون ثلاثين ، فذلك كله كما قال ، وهو موجود في الشهور كلها .

                                                        وأما قوله : شهرا عيد لا ينقصان ، رمضان وذو الحجة ، فليس ذلك - عندنا - على نقصان العدد ، ولكنهما فيهما ما ليس في غيرهما من الشهور ، في أحدهما الصيام ، وفي الآخر الحج .

                                                        فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما لا ينقصان ، وإن كانا تسعا وعشرين ، وهما شهران كاملان ، كانا ثلاثين ثلاثين أو تسعا وعشرين تسعا وعشرين ، ليعلم بذلك أن الأحكام فيهما ، وإن كانا تسعا وعشرين تسعا وعشرين ، متكاملة فيهما ، غير ناقصة عن حكمها إذا كانا ثلاثين ثلاثين .

                                                        فهذا وجه تصحيح هذه الآثار التي ذكرناها في هذا الباب ، والله أعلم .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية