الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1448 - قال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا ، أن الهبة إذا تغيرت عند الموهوب له للثواب ، بزيادة أو نقصان ، فإن على الموهوب له أن يعطي صاحبها قيمتها ، يوم قبضها .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        32946 - قال أبو عمر : نذكر في هذا الباب أقاويل الفقهاء في الهبة للثواب ، وقد أرجأت القول في الرجوع في الهبة لذي رحم وغيره إلى باب الاعتصار في الصدقة - إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                        32947 - قال أبو عمر : مذهب مالك في الهبة للثواب أنها جائزة غير مردودة إذا قبضها الموهوب له كان للواهب مطالبته بالثواب منها ، ذا رحم منه كان أو غير رحم ، إلا أن يكون فقيرا يرى أنه أراد بها الصدقة عليه ، فلا ثواب عليه حينئذ ، والموهوب له مخير في ردها ، أو إعطاء العوض منها ، هذا ما لم تتغير عنده بزيادة ، أو نقصان ، فإن تغيرت عنده بزيادة أو نقصان كان للواهب قيمتها يوم قبضها الموهوب له .

                                                                                                                        32948 - وكان إسحاق بن راهويه يذهب في ذلك إلى قول مالك .

                                                                                                                        [ ص: 309 ] 32949 - وروي عن عمر ، وعلي ، وفضالة بن عبيد جواز الهبة للثواب .

                                                                                                                        32950 - وأما الشافعي ، فالهبة للثواب عنده باطلة مردودة ، ليست بشيء

                                                                                                                        . 32951 - وهو قول أبي ثور ، وداود ; لأنها معاوضة على مجهول غير مذكور وذلك بيع لا يجوز .

                                                                                                                        32952 - وأما أبو حنيفة ، وأصحابه فالهبة للثواب عندهم جائزة على نحو ما ذهب إليه مالك في ذلك ، وإن زادت عند الموهوب له ، أو نقصت أو هلكت ، لم يكن للواهب فيها رجوع إن كانت لذي رحم ; لأنه - حينئذ - صلة خالصة له .

                                                                                                                        32953 - وهو قول الثوري .

                                                                                                                        32954 - وجملة قول الكوفيين في الهبة للثواب أن كل هبة وقعت على شرط عوض ، فهي والعوض منها على حكم الهبة ، لا تصح ما لم تقبض ، ويمنع كل واحد منهما صاحبه إن شاء فإن مضت ، وقبض العوض منها فهي كالبيع ، ويرد كل واحد منهما ، ما وجد فيه العيب من ذلك إن شاء .

                                                                                                                        32955 - وقال أحمد بن حنبل : ليس لأحد رجوع ، ولا ثواب في هبة ، ولا هدية ; لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه .

                                                                                                                        [ ص: 310 ] 32956 - وهو قول داود ، وأهل الظاهر .

                                                                                                                        32957 - حدثني عبد الوارث ، قال : حدثني قاسم ، قال : حدثني الخشني ، قال : حدثني ابن عمر ، قال : حدثني سفيان ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ليس منا مثل السوء ، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه .




                                                                                                                        الخدمات العلمية