الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ؛ [ ص: 32 ] أمرهم الله - عز وجل - بتبجيل نبيه - عليه السلام -؛ وأن يغضوا أصواتهم؛ وأن يخاطبوه بالسكينة؛ والوقار؛ وأن يفضلوه في المخاطبة؛ وذلك مما كانوا يفعلونه في تعظيم ساداتهم؛ وكبرائهم؛ ومعنى كجهر بعضكم لبعض ؛ أي: لا تنزلوه منزلة بعضكم من بعض؛ فتقولوا: "يا محمد"؛ خاطبوه بالنبوة؛ والسكينة؛ والإعظام؛ وقوله: أن تحبط أعمالكم ؛ معناه: "لا تفعلوا ذلك فتحبط أعمالكم"؛ والمعنى: "لئلا تحبط أعمالكم"؛ فالمعنى معنى اللام في "أن"؛ وهذه اللام لام الصيرورة؛ وهي كاللام في قوله: فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ؛ والمعنى: "فالتقطه آل فرعون ليصير أمرهم إلى ذلك"؛ لا أنهم قصدوا أن يصير إلى ذلك؛ ولكنه في المقدر فيما سبق من علم الله أن سبب الصير التقاطهم إياه؛ وكذلك: "لا ترفعوا أصواتكم فيكون ذلك سببا لأن تحبط أعمالكم"؛ وأنتم لا تشعرون ؛ هذا إعلام أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ينبغي أن يجل ويعظم غاية الإجلال؛ وأنه قد يفعل الشيء مما لا يشعر به من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكون ذلك مهلكا لفاعله؛ أو لقائله؛ ولذلك قال بعض الفقهاء: من قال: "إن زر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسخ"؛ يريد به النقص منه؛ وجب قتله؛ هذا مذهب مالك؛ وأصحابه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية