الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( ورد البيع في لأضربنه ما يجوز ، ورد لملكه )

                                                                                                                            ش : أتى المصنف بهذه المسألة هنا ; لأن البائع لا قدرة له على تسليم المبيع لأجل اليمين المتعلقة به ، ولا خصوصية لحلفه بالضرب بل إذا حلف بحرية عبده أو أمته ، وكانت يمينه على حنث فإنه يمنع من البيع ، ومن الوطء .

                                                                                                                            ( فروع الأول ) : قال أبو الحسن عن ابن يونس : لو لم ينقض البيع حتى ضربه عند المبتاع فقيل يبر وقيل لا يبر ، ونقلهما الرجراجي بلفظ فإن مكنه المشتري من الضرب في ملكه فهل يبر أو لا ؟ قولان قائمان من المدونة منصوصان في المذهب ، ولو كاتبه ثم ضربه قال ابن المواز : بر ، وقال أشهب : لا يبر ، ويمضي على كتابته ، ويوقف ما يؤدي فإن عتق بالأداء تم فيه الحنث وصار حرا ، وأخذ كل ما أدى ، وإن عجز ضربه إن شاء ، وقال أصبغ عن ابن القاسم في العتبية : مثله نقله أبو الحسن ( الثاني ) حكي في المدونة عن ربيعة أنه إذا حلف ليجلدن عبده مائة سوط فإنه يوقف حتى ينظر أيجلده أم لا قال ربيعة ومالك : وإن حلف ليجلدنه ألف سوط عجلت عتقه قال الشيوخ : قول ربيعة في الأولى وفاق أيضا لقول مالك .

                                                                                                                            ونقل ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون إنه إذا حلف ليجلدنه مائة فقد أساء ويترك وإياه ، وإن حلف على أكثر من ذلك مما فيه التعدي ، والشنعة فيعجل عتقه وقال أصبغ : إن المائة من التعدي قال ابن حبيب : وبالأول أقول نقله أبو الحسن ، ونقل أبو الحسن عن أبي إسحاق إن السيد يصدق إن العبد حصل منه ذنب يقتضي الأدب ، ولو أقر أنه يضربه ظلما بغير سبب لوجب أن يعتق عليه قال ، ومثله للقابسي .

                                                                                                                            وتأول أبو محمد أنه يمكن من ضربه بغير ذنب إذا كان يسيرا قال : واستبعده ابن رشد ( الثالث ) : قال أبو الحسن : فإن تجرأ ، وضربه ما لا يجوز فإنه لا يعتق عليه ولكنه يباع عليه إلا أن يكون ضربا فظيعا فيعتق بالمثلة ( الرابع ) : حلف ليضربنه ما لا يجوز ، وباعه رد المبيع من باب أحرى إلا أنه لا يرد لملكه وإنما يرد للعتق ، ولذا قال المصنف : ورد البيع في لأضربنه ، ونحوه ، ورد لملكه إن أجاز لكان أحسن ، وأشمل والله أعلم .

                                                                                                                            وما ذكر من أنه يرد لملكه إذا حلف ليضربنه ما يجوز هو المشهور ومقابله لابن دينار أنه ينقض البيع ، ويعتق عليه قال : ولا أنقض صفقة مسلم إلا لعتق ناجز ، وضعف بأنا ننقض البيع للكتابة ، والتدبير ( الخامس ) : قال في المدونة : إذا مات السيد قبل أن يضربه عتق عليه في ثلثه ( السادس ) : إن كانت يمينه على بر نحو إن ضربته فهو حر لم يمنع من البيع [ ص: 274 ] ولا من الوطء قال في أوائل كتاب العتق من المدونة : ومن حلف بعتق عبده لا فعلت كذا أو لا أفعل كذا فهو على بر ، ولا يحنث إلا بالفعل ، ولا يمنع من البيع والوطء ، وإن مات لم يلزم ورثته عتق ، ولو قال : إن لم أفعل أو لأفعلن فهو على حنث .

                                                                                                                            ويمنع من البيع ، والوطء ، ولا أمنعه من الخدمة فإن مات قبل الفعل عتق رقيقه في الثلث ا هـ . هو حنث وقع بعد الموت انتهى زاد أبو الحسن عن اللخمي ، ولا أمنعه الخدمة ، ولا الاستئجار ( السابع ) : إذا كانت يمينه على حنث ، وضرب أجلا فإنه يمنع من البيع ، ولا يمنع من الوطء قال في المدونة : وإن قال أمتي حرة إن لم أفعل كذا إلى أجل أو إن لم يفعل فلان كذا إلى أجل سماه فهو على بر قال مالك : ولا يمنع من الوطء في الأجل ويمنع من البيع ; لأنها مرتهنة فيهن ، ولو باعها رددت البيع ، ولم أقبل منها رضاها بالبيع ، وروي لمالك يمنع من الوطء كمنعه من البيع قال ابن يونس : لو لم يرد البيع حتى مضى الأجل ولم يفعل ما حلف عليه لم يرد البيع ; لأنه بمضي الأجل حنث وليست في ملكه فارتفعت عنه اليمين فيها فلا ترد إذ لا ترد إلى أمر يترقب فيه بره أو حنثه انتهى . قلت : وعلم منه أن الأمة والعبد قبل رد البيع في ملك المشتري ، وضمانه وهو ظاهر ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية