الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        كذبت ثمود وعاد بالقارعة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية

                                                                                                                                                                                                                                        كذبت ثمود وعاد بالقارعة بالحالة التي تقرع فيها الناس بالإفزاع والأجرام بالانفطار والانتشار، وإنما وضعت موضع ضمير الحاقة زيادة في وصف شدتها.

                                                                                                                                                                                                                                        فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية بالواقعة المجاوزة للحد في الشدة وهي الصيحة، أو الرجفة لتكذيبهم بالقارعة، أو بسبب طغيانهم بالتكذيب وغيره على أنها مصدر كالعاقبة وهو لا يطابق قوله:

                                                                                                                                                                                                                                        وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر أي شديدة الصوت أو البرد من الصر أو الصر. عاتية شديدة العصف كأنها عتت على خزانها فلم يستطيعوا ضبطها، أو على عاد فلم يقدروا على ردها.

                                                                                                                                                                                                                                        سخرها عليهم سلطها عليهم بقدرته، وهو استئناف أو صفة جيء به لنفي ما يتوهم من أنها كانت من اتصالات فلكية، إذ لو كانت لكان هو المقدر لها والمسبب. سبع ليال وثمانية أيام حسوما متتابعات جمع حاسم من حسمت الدابة إذا تابعت بين كيها، أو نحسات حسمت كل خير واستأصلته، أو قاطعات قطعت دابرهم، ويجوز أن يكون مصدرا منتصبا على العلة بمعنى قطعا، أو المصدر لفعله المقدر حالا أي تحسمهم حسوما ويؤيده القراءة بالفتح، وهي كانت أيام العجوز من صبيحة أربعاء إلى غروب الأربعاء الآخر، وإنما سميت عجوزا لأنها عجز الشتاء، أو لأن عجوزا من عاد توارت في سرب فانتزعتها الريح في الثامن فأهلكتها. فترى القوم إن كنت حاضرهم فيها في مهابها أو في الليالي والأيام. صرعى موتى جمع صريع. كأنهم أعجاز نخل أصول نخل. خاوية متآكلة الأجواف.

                                                                                                                                                                                                                                        فهل ترى لهم من باقية من بقية أو نفس باقية، أو بقاء. [ ص: 240 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية