الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6767 50 - حدثنا أبو النعمان، حدثنا حماد، حدثنا أبو حازم المديني ، عن سهل بن سعد الساعدي قال: كان قتال بين بني عمرو ، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فصلى الظهر ثم أتاهم يصلح بينهم، فلما حضرت صلاة العصر فأذن بلال وأقام وأمر أبا بكر فتقدم، وجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر في الصلاة فشق الناس حتى قام خلف أبي بكر فتقدم في الصف الذي يليه. قال: وصفح القوم، وكان أبو بكر إذا دخل في الصلاة لم يلتفت حتى يفرغ، فلما رأى التصفيح لا يمسك عليه التفت فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- خلفه، فأومأ إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أمضه، وأومأ بيده هكذا، ولبث أبو بكر [ ص: 263 ] هنية يحمد الله على قول النبي صلى الله عليه وسلم، ثم مشى القهقرى، فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك تقدم فصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالناس، فلما قضى صلاته قال: يا با بكر، ما منعك إذ أومأت إليك أن لا تكون مضيت؟ قال: لم يكن لابن أبي قحافة أن يؤم النبي صلى الله عليه وسلم! وقال للقوم: إذا نابكم أمر فليسبح الرجال وليصفح النساء.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، وأبو النعمان محمد بن الفضل ، وحماد بن زيد وكذا في بعض النسخ، وأبو حازم - بالحاء المهملة والزاي - سلمة بن دينار المدني .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في الصلاة في باب من دخل ليؤم الناس.

                                                                                                                                                                                  قوله: (بين بني عمرو ) ؛ أي ابن عوف - بالفاء، وهي قبيلة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فأذن بلال ) ، قيل: ليس هذا محل الفاء سواء كان " لما " للشرط أو للظرفية، وأجيب بأن جزاءه محذوف وهو جاء المؤذن، والفاء للعطف عليه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فشق الناس) ، فإن قلت: جاء عنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - أنه نهى عن التخطي... الحديث، قلت: الإمام مستثنى من ذلك، فله أن يتخطى إلى موضعه. وقال المهلب : الشارع ليس كغيره في أمر الصلاة وغيرها، فإنه ليس لأحد أن يتقدم عليه فيها.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وصفح القوم) بتشديد الفاء، من التصفيح وهو التصفيق وهو التصويت باليد.

                                                                                                                                                                                  قوله: (لا يمسك عليه) بلفظ المجهول، ويروى " عنه ".

                                                                                                                                                                                  قوله: (أمضه) من الإمضاء وهو الإنفاذ.

                                                                                                                                                                                  قوله: (هكذا) ؛ أي: مشيرا بالمكث في مكانه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (هنية) مصغر الهنة، أصلها الهنوة؛ أي: زمانا يسيرا.

                                                                                                                                                                                  قوله: (يحمد الله) حال؛ أي: يحمد الله على قول النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - المستفاد من الإشارة بالإمضاء والمكث في المكان، وفي رواية الكشميهني : " فحمد الله " بالفاء.

                                                                                                                                                                                  قوله: (القهقرى) نوع من المشي، وهو رجوع إلى خلف.

                                                                                                                                                                                  قوله: (يا با بكر ) أصله يا أبا بكر ؛ حذفت الألف للتخفيف.

                                                                                                                                                                                  قوله: (إذ) ؛ أي: حين (أومأت إليك).

                                                                                                                                                                                  قوله: (مضيت) ؛ أي: تقدمت.

                                                                                                                                                                                  قوله: (لم يكن لابن أبي قحافة ) بضم القاف وفتح الحاء المهملة وبالفاء، وهو كنية والد أبي بكر ، واسمه عثمان التيمي ، أسلم عام الفتح وعاش إلى خلافة عمر رضي الله تعالى عنه. إنما قال هكذا ولم يقل: لي أو لأبي بكر تحقيرا لنفسه واستصغارا لمرتبته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  قوله: (إذا نابكم) بالنون؛ أي: إذا أصابكم أمر، ويروى: " إذا رابكم " أي: سنح لكم حاجة (فليسبح الرجال) أي: ليقولوا: سبحان الله.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وليصفح النساء) من التصفيح، وقد مر تفسيره وهو أن تضرب بيدها على ظهر يدها الأخرى.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية