الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن تحاكم رجلان إلى رجل يصلح للقضاء ، فحكماه بينهما ، فحكم نفذ حكمه في المال ، وينفذ في القصاص والحد والنكاح واللعان ، في ظاهر كلامه . ذكره أبو الخطاب . وقال القاضي : لا ينفذ إلا في الأموال خاصة .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل ( وإن تحاكم رجلان إلى رجل يصلح للقضاء فحكماه بينهما نفذ حكمه ) لما روى أبو شريح أنه قال : يا رسول الله إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم ، فرضي علي الفريقان . فقال : " ما أحسن هذا " . رواه النسائي . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من حكم بين اثنين تحاكما إليه وارتضيا به ، فلم يقل بينهما الحق فعليه لعنة الله " . رواه أبو بكر . ولولا أن حكمه يلزمهما لما لحقه [ ص: 27 ] هذا الذم لأن عمر وأبيا تحاكما إلى زيد بن ثابت ، وتحاكم عثمان وطلحة إلى جبير . لا يقال : إن عمر وعثمان كانا إمامين فيصير حاكما من رد الحكم إليه ؛ لأنه لم ينقل عنهما أكثر من الرضى بحكمه خاصة ، وذلك لا يصير الحكم إليه قاضيا وهو حينئذ كحاكم الإمام ، ولا يجوز نقض حكمه إلا فيما ينقض من حكم غيره ( في المال والقصاص والحد ) كذا أطلقه الأصحاب ، وقيده في " الوجيز " بحد القذف خاصة ( والنكاح واللعان في ظاهر كلامه ذكره أبو الخطاب ) وجزم به في " الوجيز " وقدمه في " الفروع " لما ذكرنا من عموم الأحاديث . وظاهر كلامه : ينفذ في غير فرج ، كتصرفه ضرورة في تركة ميت في غير فرج ، ذكره ابن عقيل . واختار الشيخ تقي الدين : نفوذ حكمه بعد حكم حاكم الإمام ، وأنه إن حكم أحدهما خصمه أو حكما مفتيا في مسألة اجتهادية جاز ، وأنه يكفي وصف القصة له . وينبغي أن يشهدا عليه بالرضى به قبل حكمه لئلا يجحد المحكوم عليه منهما . وإن رجع أحدهما قبل أن يشرع منه جاز ، وإن رجع بعده قبل تمامه فوجهان . [ ص: 28 ] قال ابن حمدان : ليس له الرجوع بعد الرضى بحكمه . فائدة : له أن يشهد على نفسه بحكمه ، ويلزم الحكام قبوله ، وكتابه ككتاب حاكم الإمام . ( وقال القاضي : لا ينفذ إلا في المال خاصة ) هذه رواية حكاها في " الفروع " وغيره ؛ لأنه أسهل من غيره ، فيجب الاقتصار عليه .




                                                                                                                          الخدمات العلمية