الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب القضاء في اللقطة

                                                                                                          1528 1482 حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني أنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها قال فضالة الغنم يا رسول الله قال هي لك أو لأخيك أو للذئب قال فضالة الإبل قال ما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          38 - باب القضاء في اللقطة

                                                                                                          اللقطة : الشيء الذي يلتقط ، وهي بضم اللام وفتح القاف على المشهور عند أهل اللغة والمحدثين ، وقال عياض : لا يجوز غيره ، وقال الزمخشري في الفائق : بفتح القاف والعامة تسكنها اهـ . لكن جزم الخليل بالسكون ، قال : وأما بالفتح فهو اللاقط ، وقال الأزهري : ما قاله هو القياس ، لكن الذي سمع من العرب وأجمع عليه أهل اللغة والحديث الفتح ، وفيها لغة ثالثة لقاطة بضم اللام ، ورابعة لقطة بفتح اللام . ووجه بعض المتأخرين فتح القاف في المأخوذ بأنه للمبالغة فيما اختصت به ، وهو أن كل من يراها يميل لأخذها فسميت باسم الفاعل لذلك .

                                                                                                          1482 1438 [ ص: 94 ] - ( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ) فروخ ، المعروف بربيعة الرأي ، بسكون الهمزة ( عن يزيد ) بتحتية فزاي ، المدني الصدوق ( مولى المنبعث ) بضم الميم وسكون النون وفتح الموحدة وكسر المهملة بعدها مثلثة ، وهو صحابي نزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حصار الطائف ، وكان يسمى المضطجع فسماه المنبعث ، وكان من موالي آل عثمان بن عامر بن معتب ، ذكره ابن إسحاق ( عن زيد بن خالد الجهني ) بضم الجيم وفتح الهاء ، الصحابي المشهور رضي الله عنه ( أنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قال الحافظ : زعم ابن بشكوال وعزاه لأبي داود أنه بلال المؤذن ، ولم أره في شيء من نسخ أبي داود ، ويبعده رواية الشيخين : جاء أعرابي ، وبلال لا يوصف بذلك ، وقيل هو الراوي; لرواية الطبراني عن زيد أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه بعد لما ذكرنا . وقد رواه أحمد عن زيد أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أن رجلا سأل على الشك ، وأيضا ففي رواية لمسلم عن زيد بن خالد : أتى رجل وأنا معه ، فدل أنه غيره ، ولعله نسب السؤال إلى نفسه لأنه كان مع السائل ثم ظهرت لي تسمية السائل ، وذلك فيما أخرجه الحميدي والبغوي وابن السكن والباوردي والطبراني ، كلهم من طريق محمد بن معن الغفاري عن ربيعة عن عقبة بن سويد الجهني عن أبيه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة ، الحديث ، وهو أولى ما فسر به هذا المبهم لكونه من رهط زيد بن خالد ، وروى أبو بكر بن أبي شيبة والطبراني عن أبي ثعلبة الخشني قال : قلت : " يا رسول الله الورق توجد عند القرية ، قال عرفها حولا " . الحديث ، وفيه سؤاله عن الشاة والبعير ، وجوابه وهو في أثناء حديث طويل ، أخرجه النسائي .

                                                                                                          وروى الإسماعيلي في الصحابة من طريق مالك بن عمير عن أبيه : " أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة ، فقال : إن وجدت من يعرفها فادفعها إليه " . الحديث ، وإسناده واه جدا . وروى الطبراني عن الجارود العبدي قال : " قلت : يا رسول الله اللقطة نجدها ، قال : أنشدها ولا تكتم ولا تغيب " . الحديث اهـ . يعني فيحتمل تفسير المبهم أيضا بأبي ثعلبة أو عمير والجارود ، لكن يرجح أنه سويد كونه من رهط زيد الراوي كما قال ، وإن تعقب بأنه لا يلزم من كون سويد من رهط زيد أن يكون حديثهما واحدا بحسب الصورة ، وإن كانا في المعنى من باب واحد فإن هذا جمود ، فالحافظ لم يجزم بأنه هو بدليل ذكره الروايات المصرحة بغيره ، وإنما رجحه بقوله أولى للتعليل المذكور ، ولا شك أنه من وجوه الترجيحات عندهم ( فسأله عن اللقطة ) هكذا في أكثر الروايات ، وفي رواية سفيان الثوري عن ربيعة : [ ص: 95 ] فسأله عما يلتقطه ، زاد مسلم من طريق يحيى بن سعيد عن يزيد : الذهب والفضة ، وهو كالمثال وإلا فلا فرق بينهما وبين الجوهر واللؤلؤ وغير ذلك مما يستمتع به غير الحيوان في تسميته لقطة ، وإعطائه حكمها وهو : ( فقال : اعرف عفاصها ) بكسر العين المهملة ففاء خفيفة فألف فصاد مهملة ، أي وعائها الذي يكون فيه النفقة جلدا كان أو غيرها ، من العفص وهو المثنى ، أي لأن الوعاء يثنى على ما فيه ( ووكاءها ) بكسر الواو الثانية وبالهمزة ممدود الخيط الذي يشد به الصرة والكيس ونحوهما ، زاد مسلم من وجه آخر عن زيد : وعددها ، وكذا في حديث أبي بن كعب : ليعرف صدق مدعيها عند طلبها ، وفي وجوب هذه المعرفة وندبها قولان أظهرهما الأمر ، وقيل : يجب عند الالتقاط ويستحب بعده ، فعلى الوجوب إذا عرف بعض الصفات دون بعض ، قال ابن القاسم : لا بد من ذكر جميعها ، وكذا قال أصبغ لكن قال : لا يشترط معرفة العدد ، قيل : وقول ابن القاسم أقوى لثبوت ذكر العدد في الرواية الأخرى ، وزيادة الحافظ حجة . ( ثم عرفها ) بكسر الراء الثقيلة ، أي اذكرها للناس ( سنة ) بمظان طلبها كأبواب المساجد والأسواق ونحوهما ، يقول : من ضاعت له نفقة ونحو ذلك من العبارات ، ولا يذكر شيئا من الصفات ، قال العلماء : يعرفها في كل يوم مرتين ثم مرة ثم في كل أسبوع ثم في كل شهر ، ولا يشترط أن يعرفها بنفسه بل يجوز توكيله . قال الحافظ : هكذا روى مالك ، والأكثر عن ربيعة أن التعريف بعد معرفة ما ذكر من العلامات . وفي رواية سفيان عن ربيعة : عرفها سنة ثم اعرف عفاصها ووكاءها . فجعل التعريف يسبق المعرفة ، ووافقه عبد الله بن يزيد مولى المنبعث عن أبيه عن أبي داود ، وجمع النووي بأن يكون مأمورا بالمعرفة في حالتين فيعرف العلامات أول ما يلتقط حتى يعلم صدق واصفها إذا وصفها ، ثم بعد تعريفها سنة إذا أراد أن يتملكها فيعرفها مرة أخرى تعرفا وافيا محققا ليعلم قدرها وصفتها فيردها إلى صاحبها . قلت : ويحتمل أن يكون " ثم " في الروايتين بمعنى الواو فلا تقتضي ترتيبا ولا تقتضي تخالفا يحتاج إلى الجمع ، ويقويه أن المخرج واحد والقصة واحدة ، وإنما يحسن ما تقدم لو اختلف المخرج فيحمل على تعدد القصة ، وليس الغرض إلا أن يقع التعرف والتعريف مع قطع النظر عن أيهما أسبق ، ثم أنه لم يختلف في حديث زيد أن التعريف سنة واحدة . وفي حديث أبي بن كعب في الصحيحين : " وجدت صرة فيها مائة دينار فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : عرفها حولا فعرفتها حولا ثم أتيته فقال : عرفها حولا فعرفتها حولا ، ثم أتيته فقال : عرفها حولا فعرفتها حولا ، ثم أتيته الرابعة فقال : اعرف عددها ووكاءها ووعاءها فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها " . وجمع بينهما بحمل حديث أبي على مزيد التورع عن التعرف في اللقطة والمبالغة في [ ص: 96 ] التعفف عنها . وحديث زيد على ما لا بد منه أو لاحتياج الأعرابي واستغناء أبي .

                                                                                                          وقال ابن الجوزي : يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم علم أن تعريفها لم يقع على الوجه الذي ينبغي ، فأمر ثانيا بإعادة التعريف كما قال للمسيء صلاته : ارجع فصل فإنك لم تصل ، قال الحافظ : ولا يخفى بعد هذا على مثل أبي مع أنه من فقهاء الصحابة وفضلائهم . وقد حكى صاحب الهداية من الحنفية رواية عندهم أن التعريف مفوض للملتقط فعليه أن يعرفها حتى يغلب على ظنه أن صاحبها لا يطلبها بعد ذلك .

                                                                                                          ( فإن جاء صاحبها ) فأدها إليه ، فجواب الشرط محذوف ، وقد ثبت في البخاري من رواية إسماعيل بن جعفر عن ربيعة بلفظ : " فإن جاء ربها فأدها إليه " . وله من رواية سفيان عن ربيعة : " فإن جاء أحد يخبرك بعفاصها ووكائها " . فبهذا أخذ مالك وأحمد أنها تدفع لمن عرف العفاص والوكاء . وقال أبو حنيفة والشافعي : لمن وقع في نفسه صدقه جاز أن تدفع إليه ولا يجبر على ذلك إلا ببينة لأنه قد يصيب الصفة ، ووجه الأول أن هذا فائدة قوله أعرف عفاصها . . . إلخ ، وقد صحت هذه اللقطة ، أي الأمر بدفعها لمن عرف العفاص والوكاء في حديث زيد ، وفي حديث أبي بن كعب أيضا بلفظ : فأعطها إياه ، عند مسلم وأحمد وأبي داود والترمذي والنسائي من طرق فتعين المصير إليها ، ويخص ذلك من عموم حديث ( البينة على المدعي ) ، وقول أبي داود - إنها غير محفوظة ، وتمسك به من حاول تضعيفها - غير صواب ، بل هي صحيحة وليست بشاذة ، وما اعتل به بعضهم من أنه وصفها فأصاب فدفعها إليه ، فجاء آخر فوصفها فأصاب ، لا يقتضي الطعن في الثاني; لأنه يصير الحكم حينئذ كما لو دفعها إليه ببينة ، فجاء آخر فأقام بينة أخرى أنها له ، وفي ذلك تفاصيل للمالكية وغيرهم .

                                                                                                          ( وإلا ) يجيء صاحبها ( فشأنك ) أي الزم شأنك ، أي حالك ( بها ) أي تصرف فيها ، ويجوز الرفع بالابتداء والخبر بها ، أي شأنك متعلق بها ، وفي حديث أبي : فاستمتع بها . ولمسلم من طريق ابن وهب عن سفيان وغيره عن ربيعة : " فإن لم يأت لها طالب فاستنفقها " . وفيه أن اللاقط يملكها بعد انقضاء مدة التعريف ; لأن قوله : شأنك بها ، تفويض إلى اختياره ، والأمر في قوله فاستنفقها للإباحة ، وفي اشتراط التلفظ بالتملك وكفاية النية ، وهو الأرجح دليلا ، ودخولها في ملكه بمجرد الالتقاط أقوال ، وقد روى الحديث سعيد بن منصور عن الدراوردي عن ربيعة بلفظ : " وإلا فتصنع بها ما تصنع بمالك " . وإذا تصرف فيها بعد تعريفها ثم جاء صاحبها ضمنها له فيردها إن كانت باقية وبدلها إن استهلكت عند الجمهور .

                                                                                                          ففي مسلم : " ولتكن وديعة عندك " . وله أيضا : " فاعرف عفاصها ووكاءها ثم كلها فإن جاء صاحبها فأدها إليه " . فظاهره وجوب ردها بعد أكلها ، فيحمل على رد البدل ، أو فيه حذف يدل عليه بقية الروايات ، والتقدير : ثم كلها إن لم يجئ صاحبها فإن [ ص: 97 ] جاء . . . إلخ . وأصرح منه رواية أبي داود بلفظ : " فإن جاء صاحبها فأدها إليه وإلا فاعرف عفاصها ووكاءها ثم كلها ، فإن جاء باغيها فأدها إليه " . فأمر بأدائها قبل الإذن في أكلها وبعده . وفي أبي داود من طريق عبد الله بن يزيد عن أبيه عن زيد : " فإن جاء صاحبها فادفعها إليه وإلا فاعرف وكاءها وعفاصها ثم اقبضها في مالك ، فإن جاء صاحبها فادفعها إليه " .

                                                                                                          ( قال ) السائل ( فضالة الغنم ) أي ما حكمها ، فحذف ذلك للعلم به ، قال العلماء : الضالة لا تقع إلا على الحيوان ، وما سواه يقال له لقطة ( يا رسول الله ، قال : هي لك ) إن أخذتها فهو إشارة إلى إباحة أخذها كأنه قيل : هي ضعيفة لعدم الاستقلال معرضة للهلاك مترددة بين أن تأخذها أنت فتكون لك ( أو لأخيك ) في الدين إن لم تأخذها ، والمراد به ما هو أعم من صاحبها أو من ملتقط آخر ، كذا قيل . وعورض بأن البلاغة تقتضي أن لا يقترن صاحبها بالدين العادي ، فالمراد ملتقط آخر . ( أو للذئب ) والمراد به جنس ما يأكل الشاة ، وفيه حث على أخذها; لأنه إذا علم أنه إذا لم يأخذها تعينت للذئب كان ذلك أدعى إلى أخذها . وفي رواية للبخاري : خذها فإنما هي لك . . . إلخ ، وهو صريح في الأمر بالأخذ ، فيدل على رد إحدى الروايتين عند أحمد بترك التقاط الشاة ، وتمسك به مالك على أنه إذا وجدها في فلاة ملكها ولا يلزمه بدلها ولا تعريفها; لأن اللام للملك ، بخلاف قوله في غيرها : فاستمتع بها ، فإن ظاهره أنه ليس على وجه التملك; إذ لو كان له لم يقتصر على التمتع ، ولأنه سوى بين الذئب والملتقط ، والذئب لا غرامة عليه فكذلك الملتقط . وقال الأكثر : يجب تعريفها ، فإذا انقضت مدة التعريف أكلها إن شاء وغرم لصاحبها ، وقالوا : إن اللام ليست للتمليك لأنه قال : أو للذئب وهو لا يملك باتفاق ، وقد أجمعوا على أن مالكها لو جاء قبل أن يأكلها الواجد لأخذها ، ويرد بأن اللام للملك ، وأطلقت على الذئب للمشاكلة أو التغليب فلا يمنع كونها للتمليك ، وأما الإجماع فليس من محل النزاع فلا يرد نقضا ، فإن التقطها في الفلاة ودخل بها العمران أو التقطها في العمران وجب التعريف وصارت لقطة ، وعليه يحمل حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في ضالة الشاة : " فاجمعها حتى يأتيها باغيها " . رواه أبو داود والترمذي والنسائي . وأما قول النووي : احتج أصحابنا بقوله في الرواية الأخرى : " فإن جاء صاحبها فأعطها إياه " . وأجابوا عن رواية مالك بأنه لم يذكر الغرامة ولا نفاها فثبت حكمها بدليل آخر ، فتعقبه الحافظ أن الرواية الأخرى من رواياتمسلم فيها ذكر حكم الشاة إذا أكلها الملتقط ، ولم أر ذلك في شيء من روايات مسلم ولا في غيره في حديث زيد بن خالد .

                                                                                                          ( قال ) السائل ( فضالة الإبل ) ما حكمها ؟ ( قال : ما لك ولها ؟ ) [ ص: 98 ] استفهام إنكاري ، وفي رواية : " فغضب حتى احمرت وجنتاه أو وجهه " . وفي أخرى : " فتمعر وجه النبي صلى الله عليه وسلم " . بشد العين المهملة ، أي تغير من الغضب . وفي أخرى : " فذرها حتى يلقاها ربها " . ( معها سقاؤها ) بكسر المهملة والمد ، جوفها ، أي حيث وردت الماء شربت ما يكفيها حتى ترد ماء آخر ، وقيل : عنقها فتشرب من غير ساق يسقيها لطوله . ( وحذاؤها ) بكسر الحاء المهملة وبالذال المعجمة والمد ، أخفافها فتقوى بها على السير وقطع البلاد البعيدة . قال ابن دقيق العيد : لما كانت مستغنية عن الحافظ والمتعهد وعن النفقة عليها بما ركب في طبعها من الجلد على العطش والجفاء ، عبر عن ذلك بالسقاء والحذاء مجازا ، وبالجملة فالمراد النهي عن التعرض لها لأن الأخذ إنما هو للحفظ على صاحبها إما بحفظ العين أو بحفظ القيمة ، وهي لا تحتاج إلى حفظ لأنها محفوظة بما خلق الله فيها من القوة والمنعة وما يسر لها من الأكل والشرب كما قال . ( ترد الماء ) فتشرب منه بلا تعب ( وتأكل من الشجر ) بسهولة لطولها وطول عنقها ( حتى يلقاها ربها ) أي مالكها . وفي رواية : " فذرها حتى يلقاها ربها " . والجمهور على القول بظاهر الحديث أنها لا تلتقط . قال العلماء : وحكمته أن بقاءها حيث ضلت أقرب إلى وجدان مالكها لها من تطلبه لها في رحال الناس . وقال الحنفية : الأولى أن تلتقط ، وحمل بعضهم النهي على من التقطها للتملك لا ليحفظها فيجوز له ، وهو قول الشافعية . وفيه جواز الالتقاط لاشتماله على مصلحة حفظها وصيانتها عن الخونة وتعريفها لتصل إلى صاحبها ، ومن ثم كان الأرجح من مذاهب العلماء أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال فمتى رجح أخذها وجب أو استحب ، ومتى رجح تركها حرم أو كره وإلا فهو جائز . وأخرجه البخاري في اللقطة عن عبد الله بن يوسف ، وفي المساقاة عن إسماعيل ، ومسلم في القضاء عن يحيى ، كلهم عن مالك به ، وتابعه السفيانان وإسماعيل بن جعفر وسليمان بن بلال في الصحيحين وغيرهما ، وله طرق عندهم .




                                                                                                          الخدمات العلمية