الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الثاني : في قدره ، وفي ( الكتاب ) لا يزكي ما يخرج من المعدن حتى يكون عشرين دينارا أو مائتي درهم ، ثم يزكي بعد ذلك ما قل أو كثر من غير [ ص: 60 ] حول إلا أن ينقطع ذلك النيل ويأتنف شيئا آخر فيبدأ النصاب ، فاشترط النصاب مالك و ( ش ) وابن حنبل خلافا لـ ( ح ) . لنا : القياس على النقدين في الزكاة ، وفي ( الجواهر ) : يضم الذهب إلى الورق بالإجزاء في المعادن كالنقدين في الزكاة قاله : ابن القاسم . وقال القاضي أبو الوليد : أما على القول بضم المعدنين فبين ، وأما على المنع في ذلك فيبعد لاستحالة اجتماعها في معدن واحد ، قال سند : وإن كان بيده مال حال عليه الحول دون النصاب كمل به النصاب المعدني ، قاله : عبد الوهاب لوجود السبب مستجمعا لما يوجب الزكاة ، وعلى قول أصبغ : لا يضم عامل القراض ما بيده إذا كان دون النصاب بعد الحول ، إلى ما يزكيه من الربح ، لا يضم ها هنا ، ويستقبل بالجميع حولا ; لأن حكم الحول إنما يعتبر في النصاب ، لا فيما دونه ; لأنه لو كان معه نصاب حال عليه الحول ، ثم استخرج من المعدن دون النصاب لا يزكيه ، خلافا للشافعية ، وهو نقض على عبد الوهاب ، ولو استخرج دون النصاب وبعد مدة دون النصاب لا يضم عند الجميع ، ثم لا يخلو إما أن يتصل النيل وهو العرق الذي يتبع ، والعمل وهو التصفية أو ينقطعا معا ، أو يتصل أحدهما ، فإن اتصلا ضم بعضه إلى بعض وفاقا وإن انقطعا لا يضم ، أو تصل العمل وحده لا يضم ، أو النيل وحده ، وظاهر قول مالك أن الاعتبار بالنيل دون العمل وعند ( ش ) : لو انقطع العمل بغير عذر استأنف إذا أعاد العمل ، وإن اتصل النيل . لنا : أن النيل هو المقصود دون العمل ، فإذا انقطع فلا زكاة ، كما لو انقطع سنة . وإذا اتصل لم ينظر إلى قطع العمل ، كما لو أخر التصفية سنة ، وقد سلمه ( ش ) والفرق بينه وبين الزرع يستحصد بعضه قبل بعض : أن الزكاة وجبت في جميعه عند بدو صلاحه ، وظهور الفرق ، مثل : نبات الزرع واستخراجه مثل : بدو الصلاح ، والتصفية مثل الحصاد ، [ ص: 61 ] فما لم يظهر نيل مثل ما لم يحصد ويزرع ، فإذا ظهر فهو كزرع بعد زرع لا يضم .

                                                                                                                فائدة : يقال : النيل والنول والنوال والنائل وهو العطاء ، فإن استخرج معادن معا ، فالمذهب عدم الضم . وقاله : سحنون خلافا لابن القاسم مشبها لها بالفدادين ; لأنه إذا لم يضم نيل إلى نيل فأولى معدن إلى معدن ، والفرق للمذهب : أن إبان الزرع واحد ، والملك شامل لجميعه قبل وجوب الزكاة فيه ، والملك إنما يثبت في المعدن بالعمل ، ونظائره الفوائد لا تضم في الحال بل في الاستقبال ، قال صاحب ( المقدمات ) : تضم المعادن بعضها إلى بعض ، وإذا عمل في أحدهما فأناله ، ثم في الثاني فأناله قبل انقطاع الأول ، ثم في الثالث فأناله قبل انقطاع الأول والثاني . أضاف الجميع إن كثرت كالزرع ، ولو أناله الثاني قبل انقطاع الأول ثم انقطع الأول وبقي الثاني فأناله الثالث قبل انقطاع الثاني أضاف الثاني إلى الأول والثالث ، ولم يضف الأول إلى الثالث . ولو أناله الأول واتصل ، ثم أناله الثاني وانقطع ثم عاد ، ولما انقطع أناله الثالث والأول على حاله أضاف الأول إلى الخارج من الثاني قبل انقطاعه وبعد انقطاعه ، أو إلى ما خرج له من الثالث ، ولا يضيف ما خرج له من الثاني قبل انقطاعه إلى ما خرج له بعد انقطاعه ، ولا ما خرج له من الثالث بعد انقطاع الثاني . قال : وهذا كله قول ابن مسلمة ، وهو تفسير ما في ( الكتاب ) ; لأن المعادن كالأرضين ، قال سند فإن اشترك جماعة في عمل المعدن فحصل لهم نصاب ، قال سحنون : لا تجب الزكاة قياسا على الزرع ، وقال عبد الملك : تجب قياسا على اشتراك العمل في القراض ، فإن العبرة بمن أقطع المعدن وهو واحد ، وينبني الخلاف أيضا على أنهم كالشركاء ، فلا تجب أو كالأجراء فلا يملكون إلا بالقسمة ، وقد وجبت قبل ذلك ، والفرع مبني [ ص: 62 ] على جواز الإجارة على المعدن بجزء منه . قال صاحب ( المقدمات ) : وأكثر الأصحاب على منعه ، وجوزه أصبغ قياسا على القراض بجامع الضرورة لتعذر بيع المعادن .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية