الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      179 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ قال عروة من هي إلا أنت فضحكت قال أبو داود هكذا رواه زائدة وعبد الحميد الحماني عن سليمان الأعمش حدثنا إبراهيم بن مخلد الطالقاني حدثنا عبد الرحمن يعني ابن مغراء حدثنا الأعمش أخبرنا أصحاب لنا عن عروة المزني عن عائشة بهذا الحديث قال أبو داود قال يحيى بن سعيد القطان لرجل احك عني أن هذين يعني حديث الأعمش هذا عن حبيب وحديثه بهذا الإسناد في المستحاضة أنها تتوضأ لكل صلاة قال يحيى احك عني أنهما شبه لا شيء قال أبو داود وروي عن الثوري قال ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير بشيء قال أبو داود وقد روى حمزة الزيات عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثا صحيحا

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عروة ) : أي عروة بن الزبير لا عروة المزني ( من هي إلا أنت ) . هذا السؤال ظاهر في أن سائله ابن الزبير لأن عروة المزني لا يجسر أن يقول هذا الكلام لعائشة . واعلم أن الحديث أخرجه الترمذي أيضا ولم ينسب عروة في هذا الحديث أصلا ، وأما ابن ماجه فإنه نسبه وقال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا : حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة الحديث . وأبلغ من ذلك ما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة . وأخرج الدارقطني حدثنا أبو بكر النيسابوري أخبرنا حاجب بن سليمان حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ ثم ضحكت قال الحافظ عماد الدين : وهذا نص في كونه عروة بن الزبير ، ويشهد له قوله من هي إلا أنت فضحكت ( هكذا ) : أي لفظ عروة مطلقا من غير تقييد بابن الزبير . أخرج الدارقطني حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا علي بن حرب وأحمد بن منصور ومحمد بن [ ص: 237 ] إشكاب وعباس بن محمد قالوا أخبرنا أبو يحيى بن الحماني أخبرنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة قالت : الحديث . ( حدثنا عبد الرحمن بن مغراء ) : بفتح الميم أوله وإسكان الغين المعجمة : أبو زهير الكوفي نزيل الري ، وثقه أبو خالد الأحمر وابن حبان ، وقال أبو زرعة صدوق ، وقال علي بن المديني ليس بشيء . كان يروي عن الأعمش ستمائة حديث تركناه لم يكن بذاك . وقال ابن عدي : والذي قاله ابن المديني هو كما قال فإنه روى عن الأعمش أحاديث لا يتابعه عليها الثقات هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثه ( أصحاب لنا ) : وهؤلاء رجال مجهولون وما سمى منهم إلا حبيب بن أبي ثابت ( عن عروة المزني ) : قال الذهبي هو شيخ لحبيب بن أبي ثابت لا يعرف . وفي الخلاصة له أحاديث ضعفها القطان ، وفي التقريب هو مجهول من الرابعة ( بهذا الحديث ) المذكور فهذا من رواية عبد الرحمن بن مغراء وهو ضعيف عن الأعمش عن رجال مجهولين ( احك ) : أمر من الحكاية من باب ضرب ( عني ) : أي أخبر الناس عن جانبي ( أن هذين ) : الحديثين ( هذا عن حبيب ) : عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل امرأة من نسائه الحديث ( وحديثه ) : بالنصب عطف على حديث الأعمش وهذا الحديث لعله هو ما يجيء في باب من قال تغتسل المستحاضة من طهر إلى طهر عن طريق وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة قالت فاطمة بنت أبي حبيش الحديث ( احك عني ) : أعاد هذه الجملة لكون الفصل والبعد بين المقول والمقولة ( أنهما شبه لا شيء ) : بكسر الشين وسكون الباء الموحدة ، وسقط منه التنوين للإضافة إلى لا شيء ، ولا شيء إشارة إلى الإسناد أي هذان الحديثان ضعيفان من جهة الإسناد . ذكره شهاب بن رسلان ( يعني لم يحدثهم ) : أي لم يحدث حبيب أحدا من تلامذته ومنهم الثوري ( بشيء ) : بل كل ما رواه فهو عن عروة المزني لكن لم يرض أبو [ ص: 238 ] داود بما قاله الثوري ولذا نقله بصيغة التمريض وعنده سماع حبيب من عروة بن الزبير صحيح ثابت كما يدل عليه قوله ( حديثا صحيحا ) : في غير هذا الباب . وهو ما أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات من سننه : حدثنا أبو كريب أخبرنا معاوية بن هشام عن همزة الزيات عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم عافني في جسدي وعافني في بصري الحديث . فمقصود المؤلف أن حبيبا وإن اختلف في شيخه أنه المزني أو ابن الزبير فلا يشك في سماع حبيب من عروة بن الزبير فإنه صحيح وإليه أشار بقوله حديثا صحيحا . فمحصل الكلام أن عبد الرحمن بن مغراء مع ضعفه ورواية شيخه الأعمش عن المجهولين قد تفرد عن الأعمش عن حبيب عن عروة بهذا اللفظ أي عروة المزني ، وأما وكيع وعلي بن هاشم وأبو يحيى الحماني من أصحاب الأعمش فلم يقولوا به . فبعض أصحاب وكيع روى عنه لفظ عروة بغير نسبة وبعضهم روى عنه بلفظ عروة بن الزبير ثم الأعمش أيضا ليس متفردا بهذا تابعه أبو أويس بلفظ عروة بن الزبير ثم حبيب بن أبي ثابت أيضا ليس متفردا ، بل تابعه هشام بن عروة عن أبيه ، ومعلوم قطعا أنه ابن الزبير ، فثبت أن المحفوظ عروة بن الزبير ، فبعض الحفاظ أطلقه وبعضهم نسبه ، وقد تقرر في موضعه أن زيادة الثقة مقبولة . وأما عروة المزني فغلط من عبد الرحمن بن مغراء . وإذا عرفت هذا فاعلم أن سماع حبيب من عروة بن الزبير متكلم فيه . وقال سفيان الثوري ويحيى بن معين ويحيى بن سعيد القطان ومحمد بن إسماعيل البخاري : ولم يصح له سماع من عروة بن الزبير ، وصححه أبو داود وأبو عمر بن عبد البر لكن الصحيح هو القول الأول ، فيكون الحديث منقطعا . وأجيب ضعف الانقطاع منجبر بكثرة الطرق والروايات العديدة .




                                                                      الخدمات العلمية