الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولفظها ) الذي صح عنه صلى الله عليه وسلم ( لبيك ) مصدر مثنى قصد به التكثير من لب أقام أو أجاب أي إقامة على طاعتك بعد إقامة وإجابة لأمرك لنا بالحج على لسان خليلك إبراهيم لما يأتي أول باب دخول مكة وحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم بعد إجابة ولاختصاص الحج بمناداة إبراهيم الآتية طولب كل من تلبس به بإظهار إجابة ذلك ( اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن ) الأولى كسرها ونقل اختيار الفتح عن الشافعي مردود ؛ لأن الاستئناف لا يوهم ما يوهمه التعليل من التقييد ( الحمد والنعمة ) بالنصب ويجوز الرفع [ ص: 63 ] ( لك والملك ) ويسن الوقف هنا وكأنه لئلا يوصل بالنفي بعده فيوهم ( لا شريك لك ) ويستحب أن لا يزيد على هذه الكلمات وأن يكررها كلها ثلاثا متوالية ثم يصلي ثم يسأل كما يأتي ويكره السلام عليه أثناءها ؛ لأنه يكره له قطعها إلا برد السلام فيندب وإلا لخشية محذور توقف على الكلام فتجب واستحب في الأم زيادة لبيك إله الحق ؛ لأنها صحت عنه صلى الله عليه وسلم ( وإذا رأى ما يعجبه ) أو يكرهه ( قال ) ندبا ( لبيك إن العيش ) أي الهنيء الذي لا يعقبه كدر ولا يشوبه منغص هو ( عيش ) الدار ( الآخرة ) ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قاله في أسر أحواله { لما رأى جمع المسلمين بعرفة وفي أشدها في حفر الخندق } ويظهر تقييد الإتيان بلبيك بالمحرم كما يصرح به السياق فغيره يقول اللهم إن العيش إلخ كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في الأخيرة ومن لا يحسن العربية يلبي بلسانه ، فإن ترجم به مع القدرة حرم على ما اقتضاه تشبيههم لها بتسبيح الصلاة لكن الأوجه هنا الجواز لوضوح فرقان ما بين الصلاة وغيرها ( وإذا فرغ من تلبيته صلى ) وسلم ( على النبي صلى الله عليه وسلم ) لقوله تعالى { ورفعنا لك ذكرك } أي لا أذكر إلا وتذكر معي كما مر والأولى صلاة التشهد الكاملة ويسن أن يكون صوته بها وبما بعدها أخفض من صوت التلبية ( وسأل الله تعالى ) ندبا ( الجنة ورضوانه ) وما أحب ( واستعاذ ) به ( من النار ) للاتباع بسند ضعيف ( تنبيه ) ظاهر المتن أن المراد بتلبيته ما أرادها فلو أرادها مرات كثيرة لم تسن له الصلاة ثم الدعاء إلا بعد فراغ الكل ، وهو ظاهر بالنسبة لأصل السنة وأما كلها فينبغي أن لا يحصل إلا بأن يصلي ثم يدعو عقب كل ثلاث مرات فيأتي بالتلبية ثلاثا ثم الصلاة ثم الدعاء ثم بالتلبية ثلاثا ثم الصلاة ثم الدعاء وهكذا ثم رأيت عبارة إيضاح المصنف وغيره ظاهره فيما ذكرته

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ؛ لأن الاستئناف لا يوهم ما يوهمه التعليل من التقييد ) قد يقال إيهام التعليل لازم للكسر لأن المكسورة كثيرا ما تكون للتعليل فالتعليل محتمل فهو موهم فالتقييد متوهم إلا أن يقال الإيهام لازم في الفتح للزوم التعليل له ( قوله : ويجوز الرفع ) أي على الابتداء والخبر لك [ ص: 63 ] فخبر إن محذوف أو بالعكس ( قوله : في المتن وإذا رأى ما يعجبه إلخ ) ينبغي إناطة الحكم بمطلق العلم ، وإن حصل بغير الرؤية وأنه لا فرق فيما يعجبه بين الأمور المحسوسة والأمور المعقولة ( قوله : لكن الأوجه هنا الجواز ) اعتمده م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : مصدر مثنى إلخ ) معمول لفعل محذوف والتقدير ألبي لبين لك فحذف الفعل ، وهو ألبي وجوبا وأقيم المصدر مقامه ثم حذف النون للإضافة واللام للتخفيف فصار لبيك شيخنا ( قوله : وإجابة إلخ ) الأنسب لما قبله أو بدل الواو قول المتن ( اللهم ) أصله يا الله حذف حرف النداء وعوض عنه الميم نهاية ومغني وشذ الجمع بينهما شيخنا ( قوله : لبيك إلخ ) تأكيد للأول شيخنا قول المتن ( لا شريك لك ) أراد بنفي الشريك مخالفة المشركين ، فإنهم كانوا يقولون لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : ونقل اختيار الفتح إلخ ) عبارة الكردي على بافضل وقول الإسنوي إن الزمخشري نقل عن الشافعي اختيار الفتح رده الأذرعي بأن اختيارات الشافعي لا تؤخذ من الزمخشري أي ؛ لأن أصحابه أدرى باختياراته من غيرهم ولم ينقلوا ذلك عنه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ؛ لأن إلخ ) علة لأولوية الكسر عبارة الكردي على بافضل ؛ لأن من كسر قال الحمد والنعمة لك على كل حال ومن فتحها كأنه يقول لبيك لأجل أن الحمد لك ولا يقدح أن الكسر قد يدل على التعليل ؛ لأنه خلاف المتبادر منها ؛ لأن التعليل فيها ضمني من حيث إن الجملة استئنافية ، وهي قد تفيده ضمنا ا هـ وعبارة شيخنا والكسر أجود عند الجمهور ؛ لأن الكسر يفيد أن الإجابة ليست مختصة بهذا السبب بحسب ظاهر اللفظ ، وإن كان القصد التعليل في المعنى والفتح يفيد أن الإجابة مختصة بهذا السبب ؛ لأن معناه لبيك لهذا السبب بخصوصه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بالنصب ) إلى قوله واستحب في النهاية والمغني ( قوله : ويجوز الرفع ) أي على الابتداء والخبر لك فخبر إن محذوف أو بالعكس سم ومغني [ ص: 63 ] ونهاية ( قوله : ويسن الوقف هنا ) أي ثم يبتدئ بلا شريك لك نهاية ومغني عبارة الونائي والأولى وقفة لطيفة على لبيك الثالثة والملك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وكأنه لئلا يوصل بالنفي بعده فيوهم ) أي أنه نفي لما قبله قال ابنا الجمال وعلان يؤخذ من هذا التعليل أنه يسن الوقوف على لبيك الثالث ا هـ وأقول لا يبعد طلب الوقف قبيل قوله إن الحمد إلخ ليكون أبعد عن إيهام التعليل ا هـ كردي على بافضل عبارة الكردي بفتح الكاف الفارسي قوله فيوهم أي يوهم الكفر ؛ لأنه يصير المعنى الملك لا يكون لك والشريك حصل لك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويستحب أن لا يزيد على هذه الكلمات ) أي ولا ينقص عنها ولا تكره الزيادة عليها لما في الصحيحين من أن ابن عمر كان يزيد في تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك وسعديك والخير بيدك والرغباء إليك والعمل نهاية زاد المغني زاد الترمذي بعد بيديك لبيك ، وهو ما أورده الرافعي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : عليه ) أي الملبي ( أثناءها ) أي التلبية .

                                                                                                                              ( قوله : فيندب ) أي رد السلام نهاية زاد المغني والونائي وتأخيره هنا أحب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لخشية محذور إلخ ) أي كأن رأى أعمى يقع في بئر مغني ونهاية ( قوله : إله الحق ) زاد في الإيعاب لبيككردي على بافضل قول المتن ( وإذا رأى ما يعجبه إلخ ) ينبغي إناطة الحكم بمطلق العلم ، وإن حصل بغير الرؤية ، وإنه لا فرق فيما يعجبه بين الأمور المحسوسة والأمور المعقولة سم وحاشية الإيضاح زاد الجمال فيشمل من طعم أو شم أو لمس أو سمع شيئا أعجبه ثم مقتضاه كغيره أن العبرة بإعجابه هو لا غير ، وهو ظاهر ومثله يقال فيما يكرهه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو يكرهه ) وتركه المصنف اكتفاء بذكر مقابله كما في { سرابيل تقيكم الحر } أي والبرد نهاية ومغني ( قوله : ندبا ) إلى التنبيه في المغني إلا قوله ويظهر إلى ومن لا يحسن وكذا في النهاية إلا قوله للإتباع إلخ قول المتن ( إن العيش إلخ ) من استحضر هذا المضمون لم يلتفت لنعيم غيرها ولم ينزعج من كربه ابن الجمال ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله : في حفر الخندق ) وفي شرح شمائل الترمذي للشارح أنه معرب ولذلك اجتمع فيه الخاء والدال والقاف ، وهي لا تجتمع في كلمة عربية انتهى ا هـ كردي على بافضل ( قوله : في الأخيرة ) أي في حفر الخندق ( قوله : بلسانه ) أي بلغته ع ش ( قوله : لكن الأوجه هنا الجواز ) أي مع الكراهة قيل كإجابة غير النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لبيك ويحرم أن يجيب بها كافرا كما نقل عن الشيخ خضر ونائي قال باعشن قوله قيل إلخ هذا غير صحيح ففي الأذكار قبيل أذكار النكاح مسألة يستحب إجابة من ناداك بلبيك وسعديك أو بلبيك وحدها ا هـ ونائي ( قوله : لوضوح فرقان ما بين الصلاة إلخ ) ، وهو أن الكلام مفسد في الصلاة من حيث الجملة بخلاف التلبية نهاية ومغني قول المتن ( صلى على النبي إلخ ) قال الزعفراني ويصلي على آله نهاية ومغني عبارة الكردي على بافضل زاد في العباب وآله وزاد القليوبي وصحبه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : والأولى صلاة التشهد إلخ ) وليضم إليها السلام فيقول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ونائي قول المتن ( وسأل الله ) أي بعد ذلك نهاية ومغني وونائي قول المتن ( الجنة والرضوان واستعاذ به من النار ) أي كأن يقول اللهم إني أسألك رضاك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار ع ش وونائي وشيخنا ( قوله : للاتباع إلخ ) ويسن أن يدعو بعد ذلك بما أحب دينا ودنيا قال الزعفراني فيقول اللهم اجعلني من الذين استجابوا لك ولرسولك وآمنوا بك ووثقوا بوعدك ووفوا بعهدك واتبعوا أمرك اللهم اجعلني من وفدك الذين رضيت وارتضيت اللهم يسر لي أداء ما نويت وتقبل مني يا كريم نهاية ومغني وشيخنا زاد الكردي على بافضل وقال ابن المنذر ويسن أن يختم دعاءه بربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ثم الصلاة ) أي ثلاثا قليوبي ا هـ كردي على بافضل




                                                                                                                              الخدمات العلمية