الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) الكلام في قدره فهو أنه يسلم تسليمتين ، إحداهما عن يمينه والأخرى عن يساره عند عامة العلماء ، وقال بعضهم : يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه ، وهو قول مالك ، وقيل : هو قول الشافعي ، وقال بعضهم : يسلم تسليمة واحدة عن يمينه ، وقال مالك في قول : يسلم المقتدي تسليمتين ثم يسلم تسليمة ثالثة ينوي بها رد السلام على الإمام ، واحتجوا بما روي عن عائشة رضي الله عنها أن { النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة تلقاء وجهه } .

                                                                                                                                وروي عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يسلم تسليمة عن يمينه } ولأن التسليم شرع للتحليل وأنه يقع بالواحدة فلا معنى للثانية .

                                                                                                                                ( ولنا ) ما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : { صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وكانوا يسلمون تسليمتين عن أيمانهم وعن شمائلهم } .

                                                                                                                                وروي عن علي أنه قال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم تسليمتين أولهما أرفعهما } ، ولأن إحدى التسليمتين للخروج عن الصلاة والثانية للتسوية بين القوم في التحية .

                                                                                                                                وأما الأحاديث فالأخذ بما روينا أولى لأن عليا وابن مسعود كانا من كبار الصحابة وكانا يقومان بقربه صلى الله عليه وسلم كما قال : { ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى } فكانا أعرف بحال [ ص: 195 ] النبي صلى الله عليه وسلم { وعائشة رضي الله عنها كانت تقوم في حيز صفوف النساء وهو آخر الصفوف ، وسهل بن سعد كان من الصغار وكان في أخريات الصفوف وكانا يسمعان التسليمة الأولى لرفعه صلى الله عليه وسلم بها صوته ولا يسمعان الثانية لخفضه بها صوته } ، وقولهم التحليل يحصل بالأولى فكذلك ولكن الثانية ليست للتحليل بل للتسوية بين القوم في التسليم عليهم والتحية ، وبه تبين أنه لا حاجة إلى التسليمة الثالثة ; لأنه لا يحصل بها التحليل ولا التسوية بين القوم ، والتحية ورد السلام على الإمام يحصل بالتسليمتين ، إليه أشار أبو حنيفة حين سأله أبو يوسف هل يرد على الإمام السلام من خلفه فيقول وعليك ؟ قال : لا .

                                                                                                                                وتسليمهم رد عليه ولأن التسليمة الثالثة لو كانت ثابتة لفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعلمها الأمة فعلا كما فعلوا التسليمتين .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية