الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومرور ناعس ) متيمم عن حدث أو نائم غير متمكن متيمم عن جنابة ( على ماء ) كاف ( كمستيقظ ) فينتقض ، وأبقيا تيممه وهو الرواية المصححة عنه المختارة للفتوى ; كما لو تيمم وبقربه ماء لا يعلم به كما في البحر وغيره ، وأقره المصنف ( تيمم لو ) كان ( أكثره ) أي أكثر أعضاء الوضوء عددا وفي الغسل مساحة ( مجروحا ) أو به جدري اعتبارا للأكثر ( وبعكسه يغسل ) الصحيح ويمسح الجريح ( و ) كذا ( إن استويا غسل الصحيح ) [ ص: 258 ] من أعضاء الوضوء ، ولا رواية في الغسل ( ومسح الباقي ) منها ( وهو ) الأصح ; لأنه ( أحوط ) فكان أولى وصحح في الفيض وغيره التيمم ، كما يتيمم لو الجرح بيديه وإن وجد من يوضئه خلافا لهما .

التالي السابق


( قوله ومرور ناعس إلخ ) مبتدأ خبره قوله كمستيقظ منح ، والناعس هو الذي يعي أكثر ما يقال عنده ولم تزل قوته الماسكة ط .

واعلم أن مرور الناعس على الماء ينقض تيممه سواء كان عن حدث أو جنابة متمكنا أو لا . ومرور النائم مثله ، لكن لو كان غير متمكن مقعدته وكان تيممه عن حدث يكون الناقض النوم لا المرور كما يعلم من البحر ، وبه يعلم ما في كلام الشارح ، فكان الصواب أن يقول ومرور ناعس مطلقا أو نائم متيمم عن جنابة أو عن حدث وكان متمكنا فافهم ( قوله فينتقض ) نتيجة التشبيه بالمستيقظ ( قوله وأبقيا تيممه ) أي أبقى الصاحبان تيممه لعجزه عن استعمال الماء ( قوله وهو ) أي قول الصاحبين الرواية المصححة عنه . أي عن الإمام ، وهو متعلق بالرواية . ورأيت بخط الشارح في هامش الخزائن أنه صححها في التجنيس وشرح المنية ونكت العلامة قاسم تبعا للكمال واختارها في البرهان والبحر والنهر وغيرها . ا هـ وجزم بها في المنية . وقال في الحلية : كذا في غير كتاب من الكتب المذهبية المعتبرة ، وهو المتجه . قال شيخنا ابن الهمام : وإذا كان أبو حنيفة يقول في المستيقظ حقيقة على شاطئ نهر لا يعلم به يجوز تيممه فكيف يقول في النائم حقيقة بانتقاض تيممه . ا هـ . ونقل في الشرنبلالية عن البرهان موافقة ابن الهمام ، ثم أجاب عنه فراجعها ، ومشى في الهداية وغيرها على ما في المتن ( قوله المختارة للفتوى ) عبارة البحر في الفتاوى ( قوله أي أكثر أعضاء الوضوء إلخ ) الأولى أن يقول أي أكثر أعضائه في الوضوء إلخ ; لأن الضمير في أكثره عائد على الرجل المتيمم مع تقدير مضاف وهو الأعضاء الصادقة على أعضاء الوضوء وغيرها تأمل .

هذا ، وقد اختلفوا في حد الكثرة ; فمنهم من اعتبرها في نفس العضو ، حتى لو كان أكثر كل عضو من الأعضاء الواجب غسلها جريحا تيمم وإن كان صحيحا يغسل . وقيل في عدد الأعضاء حتى لو كان رأسه ووجهه ويداه مجروحة دون رجليه مثلا تيمم ، وفي العكس لا . ا هـ درر البحار . قال في البحر : وفي الحقائق المختار الثاني ، ولا يخفى أن الخلاف في الوضوء ; أما في الغسل فالظاهر اعتبار أكثر البدن مساحة . ا هـ . وما استظهره أقره عليه أخوه في النهر ونقله نوح أفندي عن العلامة قاسم فلذا جزم به الشارح ( قوله جدري ) بضم الجيم وفتحها مع فتح الدال شرح المنية ( قوله اعتبارا للأكثر ) علة لقوله تيمم ط ( قوله وبعكسه ) وهو ما لو كان أكثر الأعضاء صحيحا يغسل إلخ ، لكن إذا كان يمكنه غسل الصحيح بدون إصابة الجريح وإلا تيمم حلية ، فلو كانت الجراحة بظهره مثلا وإذا صب الماء سال عليها يكون ما فوقها في حكمها فيضم إليها كما بحثه الشرنبلالي في الإمداد وقال لم أره ، وما ذكرناه صريح فيه ( قوله ويمسح الجريح ) أي إن لم يضره وإلا عصبها بخرقة ومسح فوقها خانية وغيرها ومفاد كما قال ط أنه يلزمه شد الخرقة إن لم تكن موضوعة ( قوله وكذا إلخ ) فصله بكذا ، إشارة إلى أنه هو الذي فيه [ ص: 258 ] الاختلاف الآتي ( قوله ولا رواية في الغسل ) أي لا رواية في صورة المساواة عن أئمتنا الثلاثة ، وإنما فيها اختلاف المشايخ ; فقيل تيمم كما لو كان الأكثر جريحا ; لأن غسل البعض طهارة ناقصة والتيمم طهارة كاملة ، وقيل يغسل الصحيح ويمسح الجريح كعكس الأولى ; لأن الغسل طهارة حقيقية بخلاف التيمم . واختلف الترجيح والتصحيح كما في الحلية ، ورجح في البحر تصحيح الثاني بأنه أحوط وتبعه في المتن .

ثم اعلم أني لم أر من خص نفي الرواية في صورة المساواة بالغسل كما فعل الشارح . ثم رأيت في السراج ما نصه : وفي العيون عن محمد إذا كان على اليدين قروح لا يقدر على غسلها وبوجهه مثل ذلك تيمم ، وإن كان في يديه خاصة غسل ولا تيمم ، وهذا يدل على أنه يتيمم مع جراحة النصف انتهى كلام السراج ، فقد وجدت الرواية عن محمد في الوضوء ، فقولهم لا رواية : أي في الغسل كما قال الشارح ، لكن يرد على الشارح أنه جعل حكم المساواة في الوضوء الغسل والمسح . والذي في العيون التيمم فتدبر ( قوله منها ) أي من أعضاء الوضوء بناء على ما قاله ، وعلمت ما فيه ( قوله هو الأصح ) صححه في الخانية والمحيط بحر ( قوله وغيره ) كالخلاصة والفتح والزيلعي والاختيار والمواهب ( قوله لو الجرح بيديه ) أي ولا يمكنه إدخال وجهه ورجليه في الماء ، فلو أمكنه فعل بلا تيمم كما لا يخفى ، فلا ينافي ما قدمناه عن العيون ( قوله وإن وجد من يوضئه ) أي بناء على ما مر من أنه لا يعد قادرا بقدرة غيره عند الإمام ، لكن عبر عن هذا في القنية والمبتغى بقيل جازما بالتفصيل ، وهو الموافق لما مر في المريض العاجز ، من أنه لو وجد من يعينه لا يتيمم في ظاهر الرواية ، فتنبه لذلك .

[ تتمة ] لو بأكثر أعضاء الوضوء جراحة يضرها الماء وبأكثر مواضع التيمم جراحة يضرها التيمم لا يصلي . وقال أبو يوسف : يغسل ما قدر عليه ويصلي ويعيد زيلعي .




الخدمات العلمية