الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
كتابة الحديث وضبطه


559 . واختلف الصحاب والأتباع في كتبة الحديث ، والإجماع      560 . على الجواز بعدهم بالجزم
لقوله : (اكتبوا) وكتب (السهمي)

التالي السابق


اختلف الصحابة والتابعون في كتابة الحديث : فكرهه ابن عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبو موسى وأبو سعيد الخدري ، وآخرون من الصحابة والتابعين ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن ، ومن كتب عني شيئا غير [ ص: 462 ] القرآن فليمحه " . أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد . وجوزه أو فعله جماعة من الصحابة ، منهم : عمر ، وعلي وابنه الحسن ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وأنس ، وجابر ، وابن عباس ، وابن عمر أيضا ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، وعمر بن عبد العزيز ، وحكاه القاضي عياض عن أكثر [ ص: 463 ] الصحابة والتابعين ، قال : ثم أجمع المسلمون على جوازها ، وزال ذلك الخلاف . ومما يدل على الجواز قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح : " اكتبوا لأبي شاه " . وروى أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو ، قال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" . . . فذكر الحديث . وفيه : أنه ذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال له : اكتب . وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة قال : ليس أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -; أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا [ ص: 464 ] أكتب . وهذان الحديثان هما المراد بقولي : (وكتب السهمي) ، أريد : عبد الله بن عمرو السهمي . وهذا الاستدلال من الزوائد على ابن الصلاح مما لم أميزه من كلامه . وقد ذكر ابن عبد البر في كتاب " بيان آداب العلم " : أن أبا هريرة كان يكتب ، قال : والرواية الأولى أصح .

وقد اختلف في الجواب عن حديث أبي سعيد والجمع بينه وبين أحاديث الإذن في الكتابة ، فقيل : إن النهي منسوخ بها ، وكان النهي في أول الأمر لخوف اختلاطه بالقرآن ، فلما أمن ذلك أذن فيه ، وجمع بعضهم بينهما : بأن النهي في حق من وثق بحفظه وخيف اتكاله على خطه إذا كتب ، والإذن في حق من لا يوثق بحفظه ، كأبي شاه المذكور . وحمل بعضهم النهي على كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة; لأنهم كانوا يسمعون تأويل الآية فربما كتبوه معه فنهوا عن ذلك ، لخوف الاشتباه ، والله أعلم .




الخدمات العلمية