الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              3067 - ثنا الأشج ، ثنا أبو خالد ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : ليس من خلق الله أحد إلا وعليه عمرة واجبة .

              3068 - قال أبو بكر : هذا الخبر يدل على توهين خبر الحجاج بن أرطاة عن ابن المنكدر عن جابر : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن العمرة أواجبة هي ؟ قال : " لا ، إن تعتمر فهو أفضل " .

              ثناه بشر بن معاذ ثنا عمرو بن علي ثنا الحجاج بن أرطاة .

              فلو كان جابر سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في العمرة إنها ليست بواجبة لما خالف قول النبي - صلى الله عليه وسلم - .

              وفي خبر منصور عن أبي وائل عن الصبي بن معبد في قصة عمر دلالة على أن العمرة واجبة عند عمر بن الخطاب .

              3069 - ثناه يوسف بن موسى ثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، قال : قال الصبي بن معبد : كنت رجلا أعرابيا نصرانيا ، فأسلمت ، فكنت حريصا على الجهاد ، وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبتين علي ، فأتيت رجلا من عشيرتي يقال له : هديم بن عبد الله فقلت : يا هناه إني حريص على الجهاد ، وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبتين علي ، فكيف لي أن أجمعهما ؟ فقال : اجمعها ، ثم [ ص: 1436 ] اذبح ما استيسر من الهدي ، قال : فأهللت بهما معا ، فلما أتيت العذيب لقيني سليمان بن ربيعة ، وزيد بن صوحان ، وأنا أهل بهما معا فقال أحدهما للآخر : ما هذا بأفقه من بعيره ، فكأنما ألقي علي جبل حتى أتيت عمر ، فقلت له : يا أمير المؤمنين إني كنت رجلا أعرابيا نصرانيا وإني أسلمت ، وأنا حريص على الجهاد ، وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبتين علي فأتيت رجلا من عشيرتي يقال له : هديم بن عبد الله ، فقلت : يا هناه إني حريص على الجهاد ، وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبتين علي ، فكيف لي أن أجمعهما ؟ فقال : اجمعهما ، ثم اذبح ما استيسر من الهدي وإني أهللت بهما جميعا ، فلما أتيت العذيب لقيني سليمان بن ربيعة ، وزيد بن صوحان ، وأنا أهل بهما معا ، فقال أحدهما للآخر : [ ما ] هذا بأفقه من بعيره ، قال : فقال لي عمر : هديت لسنة نبيك .

              قال أبو بكر : في ترك عمر بن الخطاب النكير على الصبي بن معبد قوله : وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبتين علي أبين الدلالة على أن العمرة عند عمر بن الخطاب كانت واجبة كالحج إذ لو كانت العمرة عنده تطوعا لا واجبة ، لأشبه أن ينكر عليه قوله ، ولقال له : لم نجد ذلك مكتوبتين عليك بل إنما وجدت الحج مكتوبا عليك دون العمرة ، وفي تركه الإنكار عليه ما أفتاه هديم بن عبد الله ، دلالة بينة بأن القران عنده جائز من غير سوق بدنة ، ولا بقرة من الميقات الذي يحرم منه بالحج والعمرة ، وفيه دلالة على أن ما استيسر من الهدي ، جائز عن القارن كهو عن المتمتع لا كما قال بعض العلماء : إن القران لا يكون إلا بسوق بدنة أو بقرة يسوقه من حيث يحرم .

              [ ص: 1437 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية