الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 369 ] ذكر غزوة إلى الفرنج بالشام

وفي هذه السنة خرج مركبان من مصر إلى الشام فأرسيا بمدينة لاذقية ، فأخذهما الفرنج ، وهما مملوءان من الأمتعة والتجار ، وكان بينهم وبين نور الدين هدنة ، فنكثوا وغدروا ، فأرسل نور الدين إليهم في المعنى وإعادة ما أخذوه من أموال التجار ، فغالطوه ، واحتجوا بأمور منها أن المركبين كانا قد انكسرا ودخلهما الماء .

وكان الشرط أن كل مركب ينكسر ويدخله الماء يأخذونه ، فلم يقبل مغالطتهم ، وجمع العساكر ، وبث السرايا في بلادهم بعضها نحو أنطاكية ، وبعضها نحو طرابلس ، وحصر هو حصن عرقة ، وخرب ربضه ، وأرسل طائفة من العسكر إلى حصن صافيثا وعريمة ، فأخذهما عنوة ، ونهب وخرب ، وغنم المسلمون غنائم كثيرة ، وعادوا إليه وهو بعرقة ، فسار في العساكر جميعها إلى أن قارب طرابلس ينهب ويخرب ويحرق ويقتل .

وأما الذين ساروا إلى أنطاكية ، ففعلوا في ولايتها مثل ما فعل في ولاية طرابلس ، فراسله الفرنج ، وبذلوا إعادة ما أخذوه من المركبين ، وتجديد الهدنة معهم ، فأجابهم إلى ذلك ، وأعادوا ما أخذوا وهم صاغرون ، وقد خربت بلادهم وغنمت أموالهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية