الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وإن أكره على إتلاف مال مسلم بأمر يخاف منه على نفسه أو على عضو من أعضائه وسعه أن يفعل ذلك ) ; لأن مال الغير يستباح للضرورة كما في حالة المخمصة وقد تحققت ( ولصاحب المال أن يضمن المكره ) ; لأن المكره آلة للمكره فيما يصلح آلة له والإتلاف من هذا القبيل ( وإن أكرهه بقتله على قتل غيره لم يسعه أن يقدم عليه ويصبر حتى يقتل فإن قتله كان آثما ) ; لأن قتل المسلم مما لا يستباح لضرورة ما فكذا بهذه الضرورة .

                                                                                                        قال : ( والقصاص على المكره إن كان القتل عمدا ) قال رضي الله عنه : وهذا عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله: وقال زفر رحمه الله : يجب على المكره ، وقال أبو يوسف رحمه الله : لا يجب عليهما . وقال الشافعي رحمه الله [ ص: 366 ] يجب عليهما لزفر رحمه الله : أن الفعل عن المكره حقيقة وحسا وقرر الشرع حكمه عليه وهو الإثم ، بخلاف الإكراه على إتلاف مال الغير ; لأنه سقط حكمه وهو الإثم فأضيف إلى غيره ، وبهذا يتمسك الشافعي في جانب المكره ويوجبه على المكره أيضا لوجود التسبيب إلى القتل منه ، وللتسبيب في هذا حكم المباشرة عنده كما في شهود القصاص ، ولأبي يوسف : أن القتل بقي مقصورا على المكره من وجه نظرا إلى التأثيم ، وأضيف إلى المكره من وجه نظرا إلى الحمل فدخلت الشبهة في كل جانب ، ولهما أنه محمول على القتل بطبعه إيثارا لحياته فيصير آلة للمكره فيما يصلح آلة له وهو القتل بأن يلقيه عليه ، ولا يصلح آلة له في الجناية على دينه فيبقى الفعل مقصورا عليه في حق الآثم كما نقول في الإكراه على الإعتاق ، وفي إكراه المجوسي على ذبح شاة الغير ينتقل الفعل إلى المكره في الإتلاف دون الزكاة حتى يحرم كذا هذا . .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية