الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            المانع الرابع الزوجية وقد ذكره بقوله ( وللزوج تحليلها ) أي زوجته ( من حج تطوع لم يأذن فيه ) لئلا يتعطل حقه من الاستمتاع والعمرة كالحج ( وكذا من الفرض ) بلا إذن ( في الأظهر ) ; لأن حقه على الفور والنسك على التراخي ، ويخالف الصلاة والصوم لطول مدته بخلافهما .

                                                                                                                            وروى الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس للمرأة أن تنطلق إلى الحج إلا بإذن زوجها } والثاني لا لعموم قوله صلى الله عليه وسلم { لا تمنعوا إماء الله مساجد الله } قال النووي : وأجابوا عنه بأنه محمول على أنه نهي تنزيه أو على غير المزوجات ; لأنه لا يتعلق بهن حق على الفور ، وأن المراد لا تمنعوهن مساجد البلد للصلاة وهذا ظاهر سياق الخبر والأمة في ذلك كالحرة وإن أذن لها السيد وللزوج منع زوجته من الابتداء بالتطوع جزما ، وبالفرض في الأظهر والرجعية وإن كانت زوجة ليس لها تحليلها إلا إن راجعها ، لكن له حبسها وحبس البائن في العدة وإن خشيت الفوات أو أحرمت بإذنه ، وحيث حللها فليحللها كالرقيق بأن يأمرها بالتحلل ، ويجب عليها أن تتحلل بأمر زوجها كتحلل المحصر وتقدم بيانه ، فإن لم يأمرها لم يجز لها التحلل ، فإن امتنعت من تحللها مع تمكنها منه جاز له وطؤها وسائر الاستمتاعات بها والإثم عليها لا عليه ، كما في الحائض إذا امتنعت من غسل الحيض فإنه يجوز له تغسيلها ، ووطؤها مع بقاء حدثها ، والإثم عليها ، فإن أحرمت بإذنه أو أذن لها في إتمامه لم يكن له تحليلها ، ولو قال طبيبان عدلان إن لم تحج الآن عضبت صار الحج فوريا فليس له المنع ولا التحليل منه ، ولو نكحت بعد تحللها من الفائت فلا منع ولا تحليل منه للتضييق ، ولو حجت خلية فأفسدته ثم نكحت أو مزوجة بإذن فأفسدته ثم أحرمت بالقضاء لم يملك منعها ولا تحليلها منه ، ولو نذرته في سنة معينة ثم نكحت أو في النكاح [ ص: 369 ] بإذن الزوج ثم أحرمت به في وقته لم يملك تحليلها ، ومثله ما لو نذرت حجة الإسلام في هذا العام ثم نكحت فيه ولو خرج مكي يوم عرفة إليها فأحرمت معه لم يكن له تحليلها ، ولو سافرت معه أحرمت بحيث لم تفوت عليه استمتاعا بأن كان محرما لم يكن له تحليلها ، ولو كانت الزوجة صغيرة لا تطيق الجماع فأحرم عنها وليها لكونها غير مميزة أو أذن لها فيه لكونها مميزة لم يجز له تحليلها .

                                                                                                                            ويستحب للزوج أن يحج بامرأته للأمر به في خبر الصحيحين .

                                                                                                                            ويستحب لها أن لا تحرم بنسكها إلا بإذنه ، ولا يخالف هذا ما في الأمة المزوجة من أنه يمتنع عليها الإحرام بغير إذن زوجها وسيدها ; لأن الحج لازم للحرة : أي من شأنه ذلك ولو فقيرة فيما يظهر ، ويحتمل خلافه فتعارض في حقها واجبان الحج وطاعة الزوج ، فجاز لها الإحرام وندب لها الاستئذان ، بخلاف الأمة لا يجب عليها الحج ، ويؤيد ذلك ما يأتي في النفقات من أن الزوجة يحرم عليها الشروع في صوم النفل بغير إذن الزوج بخلاف الفرض ذكره الزركشي ، وقياسه أنه يحرم على الزوجة الحرة إحرامها بالنفل بغير إذن .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وبالفرض في الأظهر ) ظاهره وإن أخبرها طبيب بالعضب وسيأتي ما فيه في قوله ولو قال طبيبان عدلان إلخ ( قوله : فإن لم يأمرها لم يجز لها التحلل ) ولعل الفرق بين الزوجة والقن حيث جاز له التحلل قبل أمر السيد أن الزوجة لما كانت من أهل الوجوب وهي مخاطبة بالحج في الجملة كان أمرها آكد من الرقيق ، فإن حجه بتقدير تمامه يقع نفلا ، بخلاف المرأة فإن حجها إذا تم وقع فرضا مطلقا وخرجت به عن عهدة الواجب ، بل الظاهر من حال الزوج أنه يستمر على عدم طلب التحلل بل الحياء قد يحمله على الإذن لها في بقاء الإحرام ( قوله والإثم عليها ) أي ويفسد بذلك حجها قال ع : وعليها الكفارة ، وقياس ما تقدم عنسم نقلا عن مر أنه لا كفارة عليها ( قوله : ولو نذرته في سنة معينة ) أي نذرت حجا غير حجة الإسلام ; لأنه الذي يجب به الحج وأما نذر حجة الإسلام فالواجب به [ ص: 369 ] تعجيل الحج لا أصله ، ومن ثم أفرده بعد بالذكر ( قوله : لم يجز له تحليلها ) وظاهره وإن أطاقت الوطء ولم يكن الزوج محرما وأراد تحليلها ، وقد يوجه بأنه لما كانت في زمن لا تحتمل فيه الوطء نزل إذن الشارع له في الإحرام منزلة إذن الزوج وهو بعد إذنه لا يجوز له التحليل ( قوله : ويستحب للزوج أن يحج بامرأته ) ولعل وجهه أن فيه إعانة لها على أداء النسك وصونا لها عن الاحتياج إلى من يقوم بأمرها في غيبته وأن فيه تسببا في عفته في الطريق ; لأنه ربما يطول سفره ويحتاج للمواقعة ( قوله : بخلاف الأمة لا يجب عليها الحج ) أي فامتنع الإحرام بدون الاستئذان كما تقدم ( قوله : إحرامها بالنفل بغير إذن ) أما الفرض فلا يحرم عليها الإحرام به ، ولا يغني عن هذا قوله السابق : وللزوج منع زوجته من الابتداء بالتطوع جزما ; لأنه لا يلزم من جواز منعه منعها بالإحرام بلا إذن منه .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : فإن لم يأمرها لم يجز لها التحلل ) أي لأن إحرامها بغير الإذن ليس حراما كما يعلم مما يأتي وبه فارقت الرقيق ( قوله : فلا منع ولا تحليل منه ) [ ص: 369 ] يعني من القضاء ( قوله : ويستحب لها أي لا تحرم بنسكها إلا بإذنه ) هذا في مطلق الزوجة وليس خاصا بالمسألة قبله ( قوله : ويحتمل خلافه ) مقابل قوله فيما يظهر فهو بالنسبة للغاية فقط ، وقوله فتعارض إلخ راجع لأصل قوله لأن الحج لازم للحرة




                                                                                                                            الخدمات العلمية