الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: (نزل عليك الكتاب) يعني: القرآن (بالحق) يعني: العدل . (مصدقا لما بين يديه) من الكتب . وقيل: إنما قال في القرآن: "نزل" بالتشديد ، وفي التوراة والإنجيل: أنزل ، لأن كل واحد منهما أنزل في مرة واحدة ، وأنزل القرآن في مرات كثيرة . فأما التوراة ، فذكر ابن قتيبة عن الفراء أنه يجلعها من: ورى الزند يرى: إذا خرجت ناره ، وأوريته ، يريد أنها ضياء . قال ابن قتيبة: وفيه لغة أخرى: ورى يري ، ويقال: وريت بك زنادي . والإنجيل ، من نجلت الشيء: إذا أخرجته ، وولد الرجل: نجله ، كأنه هو استخرجه ، يقال: قبح الله ناجليه ، أي: والديه ، وقيل للماء يقطر من البئر: نجل ، يقال: قد استنجل الوادي: [إذا ظهر نزوزه ] . وإنجيل: إفعيل من ذلك ، كأن الله أظهر به عافيا من الحق دارسا . قال شيخنا أبو منصور اللغوي: والإنجيل: أعجمي معرب ، قال: وقال بعضهم: إن كان عربيا ، فاشتقاقه من النجل ، وهو ظهور الماء على وجه الأرض ، واتساعه ، ونجلت الشيء: إذا استخرجته وأظهرته ، فالإنجيل مستخرج به علوم وحكم وقيل: هو إفعيل من النجل وهو الأصل: فالإنجيل أصل لعلوم وحكم وفي الفرقان [ ص: 350 ] هاهنا قولان . أحدهما: أنه القرآن ، قاله قتادة ، والجمهور . قال أبو عبيدة: سمي القرآن فرقانا ، لأنه فرق بين الحق والباطل ، والمؤمن والكافر ، والثاني: أنه الفصل بين الحق والباطل في أمر عيسى حين اختلفوا فيه ، قاله أبو سليمان الدمشقي . وقال السدي: في الآية تقديم وتأخير ، تقديره: وأنزل التوراة ، والإنجيل ، والفرقان ، فيه هدى للناس .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية