الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وأما شرط العقد فموافقة القبول للإيجاب بأن يقبل المشتري ما أوجبه البائع بما أوجبه ، فإن خالفه بأن قبل غير ما أوجبه أو بعض ما أوجبه أو بغير ما أوجبه أو ببعض ما أوجبه لم ينعقد لتفرق الصفقة ، وإنه لا يجوز إلا في الشفعة بأن باع عبدا و عقارا فطلب الشفيع أخذ العقار وحده فله ذلك ، وإن تفرقت الصفقة على البائع كما في الفتاوى الولوالجية من الشفعة وستأتي تفاريعه إلا فيما إذا كان الإيجاب من المشتري فقبل البائع بأنقص من الثمن أو كان من البائع فقبل المشتري بأزيد انعقد ، فإن قبل البائع الزيادة في المجلس جازت كما في التتارخانية ، وفي الآلة أن تكون بلفظ الماضي إن عقد بالقول ، كذا في البدائع . وأما شرط مكانه فواحد وهو اتحاد المجلس بأن كان الإيجاب والقبول في مجلس واحد ، فإن اختلف لم ينعقد .

                                                                                        وأما شرائط المعقود عليه فأن يكون موجودا مالا متقوما مملوكا في نفسه وأن يكون ملك البائع فيما يبيعه لنفسه وأن يكون مقدور التسليم فلم ينعقد بيع المعدوم وما له خطر العدم كنتاج النتاج والحمل واللبن في الضرع والثمر والزرع قبل الظهور والبزر في البطيخ والنوى في التمر واللحم في الشاة الحية والشحم والألية فيها وأكارعها ورأسها والسجير في السمسم ، وهذا الفص على أنه ياقوت فإذا هو زجاج أو هذا الثوب الهروي فإذا هو مروي أو هذا العبد فإذا هو جارية أو دار على أن بناءها آجر فإذا هو لبن أو ثوب على أنه مصبوغ بعصفر فإذا هو بزعفران أو هو حنطة في جوالق فإذا هي دقيق أو دقيق فإذا هي خبز أو هذا الثوب القز فإذا لحمته من ملحم .

                                                                                        ولو كان سداه من قز وصح لو كان عكسه مع الخيار إذا اللحمة هي الأصل أو هذا الثوب على أن ظهارته وبطانته وحشوه من كذا فإذا الظهارة من غير المعين بخلاف ما إذا كانت البطانة من غير المعين ، فإنه ينعقد مع الخيار ومما تسامحوا فيه وأخرجوه عن هذه القاعدة ما في القنية الأشياء التي تؤخذ من البياع على وجه الخرج كما هو العادة من غير بيع كالعدس والملح والزيت ونحوها ، ثم اشتراها بعدما انعدمت صح ا هـ .

                                                                                        فيجوز بيع المعدوم هنا ، ولم ينعقد بيع ما ليس بمال متقوم كبيع الحر والمدبر [ ص: 280 ] المطلق وأم الولد والمكاتب ومعتق البعض وأولادهم إلا ولد المكاتب المشترى في كتابته والميتة والدم وذبيحة المجوسي والمرتد والمشرك والصبي الذي لا يعقل والمجنون ومذبوح صيد المحرم سواء كان من الحل أو الحرم ومذبوح صيد الحرم وصيد المحرم إلا بيع وكيله ، وجلد الميتة قبل الدبغ وجلد الخنزير مطلقا وعظمه وشعره وعصبه على الصحيح كشعر الآدمي وعظمه وفي عظم الكلب روايتان ، ولم ينعقد بيع الخمر والخنزير في حق المسلم . وأما في حق الذمي فينعقد ولكن اختلفوا في كونه مباحا له أو محرما والصحيح الثاني كما في البدائع لكونهم يتمولونها ، وإن تبايعا ، ثم أسلم أحدهما قبل القبض انفسخ البيع .

                                                                                        ولو تقارضا ، ثم أسلم المقرض فلا شيء له من الخمر ، وإن أسلم المستقرض كان عليه القيمة في رواية وفي أخرى كالأول ، ولم ينعقد بيع النحل ودود القز إلا تبعا ولا بيع العذرة الخالصة بخلاف السرقين والمخلوطة بتراب ، وكذا بيع آلات الملاهي عندهما خلافا للإمام ، ولم ينعقد بيع الملاقيح والمضامين وعسب الفحل ولبن المرأة وفي التلويح المتقوم ما يجب إبقاؤه بعينه أو بمثله أو بقيمته والخمر يجب اجتنابها بالنص فلم تكن متقومة ا هـ .

                                                                                        وفي القنية أدنى القيمة التي تشترط لجواز البيع فلس ، ولو كانت كسرة خبز لا يجوز شراء البراءات التي يكتبها الديوان على العمال لا يصح قيل له أئمة بخارى جوزوا بيع حظوظ الأئمة قال ; لأن مال الوقف قائم ثمة ولا كذلك هنا ا هـ .

                                                                                        فعلى هذا يجوز للمستحق في المدارس بيع خبزه قبل قبضه من المشرف بخلاف الجندي إذا باع الشعير المعين لعلف دابته قبل قبضه وخرج بالمملوك بيع ما لا يملكه فلم ينعقد بيع الكلأ ، ولو في أرض مملوكة له والماء في نهره أو في بئره وبيع الصيد والحطب والحشيش قبل الإحراز وبيع أرض مكة عند الإمام وأرض أحياها بغير إذن الإمام عند الإمام وحوانيت السوق التي عليها غلة للسلطان لعدم الملك ; لأن السلطان إنما أذن لهم في البناء ، ولم يجعل البقعة لهم كما في البدائع وفي القنية حفر موضعا من المعدن ، ثم باع تلك الحفيرة أو أجرها لا يصح ; لأنه إنما ملك من المعدن ما يخرج ويؤخذ وما بقي فيه بقي على الإباحة .

                                                                                        قال رضي الله تعالى عنه وهذه رواية في واقعة بلغتني عن بعض المفتين المجازفين أنه أفتى فيمن حفر في جبل حجرا يتخذ منه القدور ، ثم مات ونحت غيره منه قدورا بأن لورثة الحافر المنع تاب الله عليه وعلينا وهداه وإيانا . والصواب ليس لهم المنع ; لأن الحجر الباقي ، وإن ظهر بحفره بقي على أصل الإباحة . ا هـ .

                                                                                        وخرج بقولنا وأن يكون ملكا للبائع ما ليس كذلك فلم ينعقد بيع ما ليس بمملوك له ، وإن ملكه بعده إلا السلم والمغصوب لو باعه الغاصب ، ثم ضمن الغاصب قيمته نفذ بيعه لاستناد الملك إلى وقت البيع فتبين أنه باع ملك نفسه وقلنا فيما يبيعه لنفسه ليخرج النائب والفضولي فالأول نافذ . والثاني منعقد موقوفا وقلنا وأن يكون مقدور التسليم فلم ينعقد بيع معجوز التسليم عند البائع كبيع الآبق في ظاهر الرواية ، فإن حضر احتيج إلى تجديد الركن قولا أو فعلا ، وكذا بيع الطير في الهواء بعد أن كان في يده وطار والسمك بعد الصيد والإلقاء في الحظيرة إذا كان لا يمكن أخذه إلا بصيد ولا ينعقد بيع الدين من غير من عليه الدين .

                                                                                        ويجوز من المديون لعدم الحاجة إلى التسليم ، ولم ينعقد بيع المغصوب من غير الغاصب إذا كان الغاصب منكرا له ولا بينة وإلى هنا صارت شرائط الانعقاد أحد عشر اثنان في العاقد واثنان في العقد وواحد في مكانه وستة في المعقود عليه .

                                                                                        [ ص: 279 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 279 ] ( قوله وأن يكون ملك البائع فيما يبيعه لنفسه ) قال الرملي هذا على الرواية الضعيفة في بيع الفضولي أنه إذا باعه لنفسه يكون باطلا والصحيح خلافه وسيأتي تحقيق ذلك في محله إن شاء الله تعالى تأمل وأنت على علم بأن تعريفه يعم النافذ والموقوف ا هـ .

                                                                                        والمراد بقوله إذا باعه لنفسه أي لأجل نفسه لا لأجل مالكه فعلى هذه الرواية الضعيفة لا ينعقد بيع الفضولي إلا إذا باعه لمالكه وإلا بطل ولا يتوقف كما سيأتي في بابه ( قوله الأشياء التي تؤخذ من البياع ) قال في النهر بعد ذكره لهذا الفرع وللفرع الآتي عن القنية أيضا وهو بيع البراءات ، وذكره لكلام المؤلف أقول : الظاهر أن ما في القنية ضعيف لاتفاق كلمتهم على أن بيع المعدوم لا يصح ، وكذا غير المملوك وما المانع من أن يكون المأخوذ من العدس ونحوه بيعا بالتعاطي ولا يحتاج في مثله إلى بيان الثمن ; لأنه معلوم كما سيأتي وحط الإمام لا يملك قبل القبض فأنى يصح بيعه وكن على ذكر مما قاله ابن وهبان في كتاب الشرب ما في القنية إذا كان مخالفا للقواعد لا التفات إليه ما لم يعضده نقل ا هـ .

                                                                                        قال الحموي في كون المأخوذ من العدس ونحوه بيعا بالتعاطي وأنه لا يحتاج في مثله إلى بيان الثمن نظر ; لأن أثمان هذه تختلف فيفضي إلى المنازعة ا هـ .

                                                                                        وأنت خبير بأن ما في النهر مبني على العلم به فحينئذ يقال إن كان معلوما يكون بيعا بالتعاطي وانظر ما يأتي عن الولوالجية في شرح قوله ولا بد من معرفة قدر ووصف ثمن [ ص: 280 ] ( قوله أحد عشر ) صوابه تسعة .




                                                                                        الخدمات العلمية