الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب المحرم يتزوج

                                                                      1841 حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن نبيه بن وهب أخي بني عبد الدار أن عمر بن عبيد الله أرسل إلى أبان بن عثمان بن عفان يسأله وأبان يومئذ أمير الحاج وهما محرمان إني أردت أن أنكح طلحة بن عمر ابنة شيبة بن جبير فأردت أن تحضر ذلك فأنكر ذلك عليه أبان وقال إني سمعت أبي عثمان بن عفان يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكح المحرم ولا ينكح حدثنا قتيبة بن سعيد أن محمد بن جعفر حدثهم حدثنا سعيد عن مطر ويعلى بن حكيم عن نافع عن نبيه بن وهب عن أبان بن عثمان عن عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر مثله زاد ولا يخطب

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عن نبيه ) : بضم النون مصغرا ( أن عمر بن عبيد الله ) : مصغرا ( أرسل ) : نبيها الراوي المذكور في رواية لمسلم ( إلى أبان ) : بفتح الهمزة والموحدة ( أمير الحاج ) : من جهة عبد الملك ( أردت أن أنكح ) : بضم فسكون أزوج ابني ( فأردت أن تحضر ) . فيه ندب الاستئذان لحضور العقد في الزواج ( فأنكر ذلك عليه أبان ) : فقال لا أراه إلا أعرابيا ، أي جاهلا بالسنة كما عند مسلم ( قال إني سمعت أبي عثمان ) : عطف بيان أو بدل من أبي وفي تصريحه بسمعت رد على من قال : إنه لم يسمع أباه فالمثبت مقدم ( لا ينكح ) : بفتح أوله أي لا يعقد لنفسه ( المحرم ) : بحج أو عمرة أو بهما ( ولا ينكح ) : بضم أوله أي لا يعقد لغيره بولاية ولا وكالة ، وهو بالجزم فيهما على النهي ، كما ذكر الخطابي أنه الرواية الصحيحة ، قاله الزرقاني . قال الخطابي : قد ذهب إلى ظاهر الحديث مالك والشافعي ، ورأيا النكاح إذا عقد في الإحرام مفسوخا عقده المرء لنفسه أو كان وليا يعقده لغيره . وقال أبو حنيفة وأصحابه : نكاح المحرم لنفسه وإنكاحه لغيره جائز . واجتمعوا في ذلك بخبر ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الله عليه وآله وسلم - تزوج ميمونة وهو محرم . وتأول بعضهم خبر عثمان على معنى أنه [ ص: 231 ] إخبار عن حال المحرم ، وأنه باشتغاله بنسكه لا يتسع بعقد النكاح ولا يفرغ له ، وقال بعضهم معنى ينكح أي إنه لا يطأ ليس أنه لا يعقد .

                                                                      قال الخطابي : قلت الرواية الصحيحة لا ينكح المحرم بكسر الحاء ، على معنى النهي لا على حكاية الحال ، وقصة أبان في منعه عمر بن عبيد الله من العقد وإنكاره ذلك ، وهو راوي الخبر دليل على أن المعنى في ذلك العقد ، فأما إن المحرم مشغول بنسكه ممنوع من الوطء ، فهذا من العلم العام المفروغ من بيانه اتفاق الجماعة والعامة من أهل العلم ، انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .

                                                                      ( زاد ولا يخطب ) : بضم الطاء من الخطبة بكسر الخاء أي لا يطالب امرأة لنكاح ، قال علي القاري : روي الكلمات الثلاث بالنفي والنهي . وذكر الخطابي أنها على صيغة النهي أصح على أن النفي بمعنى النهي أيضا بل أبلغ ، والأولان للتحريم والثالث للتنزيه عند الشافعي ، فلا يصح نكاح المحرم ولا إنكاحه عنده ، والكل للتنزيه عند أبي حنيفة . وقال الطيبي : أخرج هذا الحديث مسلم وأبو داود وأبو عيسى وأبو عبد الرحمن في كتبهم ، والذي وجدناه الأكثر فيما يعتمد عليه من الروايات : الإثبات وهو الرفع في تلك الكلمات .




                                                                      الخدمات العلمية