الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرابع : كف بقية الجوارح عن الآثام من اليد والرجل عن المكاره وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار .

فلا معنى للصوم وهو الكف عن الطعام الحلال ثم الإفطار على الحرام فمثال هذا الصائم مثال من يبني قصرا ويهدم مصرا فإن الطعام الحلال إنما يضر بكثرته لا بنوعه فالصوم لتقليله .

وتارك الاستكثار من الدواء خوفا من ضرره إذا عدل إلى تناول السم كان سفيها والحرام سم مهلك للدين والحلال دواء ينفع قليله ويضر كثيره وقصد الصوم تقليله وقد قال صلى الله عليه وسلم : " كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش " فقيل : هو الذي يفطر على الحرام وقيل : هو الذي يمسك عن الطعام الحلال ويفطر على لحوم الناس بالغيبة وهو حرام وقيل : هو الذي لا يحفظ جوارحه عن الآثام .

التالي السابق


(الرابع : كف بقية الجوارح من اليد والرجل عن المكاره ) الشرعية فاليد كفها عن البطش المحرم من مكسب أو فاحشة والرجل حبسها عن السعي فيما لم يؤمر به ولم يندب إليه من غير أعمال البر (وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار ) أي : عن تناول طعام فيه شبهة فليس من الأدب أن يمسك المريد من مباح الطعام ويفطر بحرام الآثام وإليه أشار المصنف بقوله (فلا معنى للصوم وهو الكف) أي : الإمساك (عن الطعام الحلال) أي : الذي كان أحل الله تناوله (ثم الإفطار على الحرام فمثال هذا الصائم مثال من يبني قصرا ويهدم مصرا) وصوم مثل هذا مردود عليه ، ومثاله أيضا مثال من مسح كل عضو من أعضائه ثلاث مرات ثم صلى فقد وافق الفضل في العدد إلا أنه [ ص: 248 ] ترك الفرض من الغسل فصلاته مردودة عليه لجهله (فإن الطعام الحلال إنما يضر البدن بكثرته لا بنوعه كالصوم لتقليله وتارك الاستكثار من الدواء خوفا من ضرره إذا عدل) أي : مال (إلى تناول السم) ولو كان قليلا (كان سفيها) سخيف العقل (والحرام سم يهلك الدين ) كما أن السم يهلك البدن (والحلال دواء ينفع قليله ويضر كثيره وقصد الصوم تقليله وقد قال -صلى الله عليه وسلم- : "كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش ") رواه النسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة وفي رواية : "كم من صائم حظه من صيامه الجوع والعطش " ، (واختلف في المراد منه فقيل : هو الذي) يجوع بالنهار و (يفطر على الحرام) من الطعام (وقيل : هو الذي يمسك عن الطعام الحلال ويفطر على لحوم الناس بالغيبة) وهذان الوجهان اقتصر عليهما صاحب العوارف (وقيل : هو الذي لا يحفظ جوارحه عن الآثام) هكذا ذكر هذه الأوجه الثلاثة صاحب القوت إلا أن لفظه في الوجه الثالث الذي لا يغض بصره ولا يحفظ لسانه عن الآثام ثم قال والمراد من الصيام مجانبة الآثام لا الجوع والعطش كما ذكرناه من أمر الصلاة أن المراد بها الانتهاء عن الفحشاء والمنكر كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "من لم يترك قول الزور والعمل به فليس لله تعالى حاجة بأن يترك طعامه وشرابه " .




الخدمات العلمية